Alfasl 3

3
الخصائص والمبادئ الكيميائية

ترجمة : (Lebanon)‎ Wisam M. Khadra

إن المكونات الكيميائية والبيوكيميائية للمياه الجوفية تُحدد فائدتها للصناعة والزراعة والاستخدام المنزلي. تُعطي المكونات المذابة في المياه مفتاحاً حول تاريخها الجيولوجي، وتأثّرها بالتربة والصخور التي جرت فيها، بالإضافة الى وجود رواسب خام، وطريقة المنشأ في الدورة الهيدرولوجية. إن العمليات الكيميائية في منطقة المياه الجوفية يمكن أن تُؤّثر على صلابة المواد الجيولوجية، وفي الحالات التي لا تكون فيها تلك العوامل معروفة، يمكن أن تؤدي الى انهيار المنحدرات الاصطناعية، السدود، حفريات المناجم، وبعض الصوَر الأخرى المهمة للانسان. أصبح من الشائع بكثرة أن يتم حفظ وطمر المخلّفات الصناعية والزراعية والمنزلية فوق أو تحت سطح الأرض. يمكن لهذا الفعل أو يكون آمناً أو محفوفاً بالمخاطر، وهذا يعود بشكل أساسي الى العمليات الكيمائية والميكروبيولوجية في منطقة المياه الجوفية. خلال دراسة تطور المشاهد الطبيعية، هناك فرضية شائعة مفادها أن العمليات الفيزيائية للتعّرية الميكانيكية، التمدد والتقلص الحراري، فعل الصقيع، وحركة المنحدرات هي التي تُشكّل التأثيرات الغالبة، ولكن بنظرة أقرب تجد بأن العمليات الكيميائية في منطقة المياه الجوفية هي العوامل الحاكمة.

يهدف هذا الفصل الى تقديم عرض حول الخصائص الجيوكيميائية والمبادئ التي تحكم سلوك المواد المذابة في بيئة المياه الجوفية. يمكن مراجعة Hem (1970)‎ و Stumm & Morgan (1970)‎ لتغطية أشمل حول دراسة وتحليل الخصائص الكيميائية للمياه الطبيعية. إن معظم المبادئ الجيوكيميائية المعروضة في هذا الفصل تستند الى مفاهيم التوازن. الأمثلة المعروضة في الفصل السابع تشير الى أن العديد من العمليات الهيدروكيميائية في منطقة المياه الجوفية تسير ببطء باتجاه التوازن الكيميائي وبعضها القليل يُحقق هذا التوازن. يمكن في بعض الأحيان أن يُشكك القارئ بفائدة مقاربات التوازن. تحمل مفاهيم التوازن أو النماذج قيمة كبيرة بسبب قدرتها على تحديد حالة الحدود للعمليات الكيميائية. إن الفروقات بين الظروف الهيدروكيميائية الملحوظة وظروف التوازن المحسوبة يمكن أن تُعطي نظرة حول سلوك النظام، وبالحد الأدنى إطاره الكمّي والذي من خلاله يمكن طرح الأسئلة المناسبة.

3.1 المياه الجوفية ومكوناتها الكيميائية

المياه والشوارد

تتألف المياه من اتحاد ذرّتي هيدروجين مع ذرة واحدة من الأكسيجين. ترتبط ذرة الأكسيجين بذرّتي الهيدروجين بطريقة غير متماثلة، وذلك من خلال زاوية ربط مقدارها 105 درجات. هذا الترتيب غير المتماثل يؤدي الى شحنة كهربائية غير متوازنة تُعطي ميزة قطبية للمُركّب الذري. إن المياه في حالتها السائلة وعلى الرغم من إعطائها صيغة ‏H2O‎ أو HOH، إلا أنها مؤلفة من تجمعات جزيئية بحيث يجمع الرابط الهيدروجيني مركبات الـHOH في كل تجمّع. يُقدّر بأن كل مجموعة أو كتلة جزيئية تحتوي ما هو معدلة 130 جزيئات على حرارة صفر درجة مئوية، و90 جزيئات على حرارة 20 درجة مئوية، و60 جزيئات على حرارة 72 درجة مئوية Choppin (1965)‎، وعليه يكون H180O90 هو الصيغة التقريبية لكتلة على حرارة 20 درجة مئوية.

المياه غير عادية من حيث أن كثافة الحالة الصلبة، أي الثلج، هي أقل بكثير من كثافة الحالة السائلة.  تتحقق الكثافة الأعلى في الحالة السائلة على 4 درجات مئوية، ومع هبوط الحرارة عن 4 درجات يحصل انخفاض ملحوظ بالكثافة.

كل العناصر الكيميائية لديها اثنين أو أكثر من النظائر. ولكن في هذا الكتاب، سنهتم فقط بالنظائر التي تعطي معلومات هيدرولوجية أو جيوكيميائية مهمة. إن صيغة ‏H2O‎ هي تبسيط إجمالي من وجهتي النظر الإنشائية والذرية. المياه الطبيعية يمكن أن تكون خليط من ستة نويدات مدرجة في الجدول 3.1. إن الطبيعة الذرية لنظائر الهيدروجين مُبيّنة في الشكل 3.1. هناك 18 مزيج محتمل من H-O-H باستخدام تلك النويدات. 2H216O،‏ 1H218O،‏ 3H217O‏ هي بعض الأمثلة من الجزيئات المؤلِفة للمياه، والتي تكون 1H216O في أكثر شكل متعارف لها. من بين النظائر الستة للهيدروجين والأكسيجين المبيّنة في الجدول 3.1، فإن خمسة منها تعتبر مستقرة وواحدة،  3H، تُعرف بـ التريتيوم، هي إشعاعية النشاط بنصف حياة قدرها 12.3 سنة.

جدول 3.1 النظائر الطبيعية للهيدروجين والأكسيجين والكربون إشعاعي النشاط، ووفرتها النسبية في مياه الدورة الهيدرولوجية

النظائر الوفرة النسبية (%) النوع
1H بروتيوم 99.984 مستقر
2H ديوتيريوم 0.016 مستقر
3H تريتيوم 0-10-15 إشعاعي النشاط بنصف حياة 12.3 سنة
16O أكسيجين 99.76 مستقر
17O أكسيجين 0.04 مستقر
18O أكسيجين 0.20 مستقر
14C كربون ‎<0.001‎ إشعاعي النشاط بنصف حياة 5730 سنة

الشكل 3.1 نظائر الهيدروجين.

تحتوي المياه الصافية على هيدروجين وأكسيجين بشكلها الأيوني وكذلك بشكلها الجزيئي المركّب. تتشكل الأيونات من خلال تفكك المياه،

\ce{H_2O <=> H + OH-} (3.1)

حيث تُؤشر علامة الزائد (موجب) والناقص (سالب) على شحنة الأنواع الأيونية. يمكن للهيدروجين أن يتواجد بأشكال عديدة، كما هو مُبيّن في الشكل 3.2. على الرغم أن الشكل الأيوني للهيدروجين في المياه يتم عادة التعبير عنه في المعادلات الكيميائية بـH+، إلا أن شكله عادة هو ‎H3O+‎، والذي يرمز الى نواة هيدروجين محاطة بأكسيجين مع أربعة أزواج من السحابة الالكترونية. عند نقاش تفاعلات المعادن والمياه الجوفية، يوجد عملية تُسمى "انتقال البروتون" (أو "البرتنة")، والتي ترمز الى انتقال ‎H+‎ بين المكونات أو الأطوار.

الشكل 3.2 أربعة أشكال من الهيدروجين رسمت بمقياس نسبي. (أ) ذرة الهيدروجين، بروتون والكترون واحد، (ب) جزيء الهيدروجين، اثنان من البروتون منفصلين داخل سحابة من اثنين الكترون، (ج) نواه الهيدروجين أو ‎H+‎ أو بروتون، (د) أيون الهيدرونيوم، أكسيجين مع أربعة أزواج من السحابة الالكترونية، ثلاثة منها مبرتنة في ‎H3O+‎.

المياه هي مذيب للعديد من الأملاح وبعض أنواع المواد العضوية. المياه فعالة في تذويب الأملاح لأنها تتمتع بثابت عزل عالٍ جداً ولأن جزيئاتها تميل الى الاندماج مع الأيونات بغية تشكيل أيونات رطبة. إن الاثارة الحرارية للأيونات في العديد من المواد هي كبيرة كفاية حتى تتجاوز تجاذب الشحنات الضعيف نسبياً الذي يتواجد حين إحاطتها بالمياه، والذي يتيح لعدد كبير من الأيونات التفكك الى محلول مائي. إن استقرار الأيونات في المحلول المائي يعززه تكوّن الأيونات الرطبة، كل أيون بشحنة ايجابية، والمعروف بـ "كاتيون"، يجذب الأطراف السالبة للجزيئات القطبية من المياه ويربط عدد من الجزيئات بترتيب مستقر نسبياً. إن عدد جزيئات المياه المتعلقة بالكاتيون يحدده حجم الكاتيون نفسه. على سبيل المثال، إن الكاتيون Be2+‎ الصغير يُؤلف الأيون الرطب Be(H2O)42+‎. الأيونات الأكبر، مثل ‎Mg2+‎ أو Al3+‎، لديها أشكال رطبة مثل Mg(H2O)62+‎ و Al(H2O)63+‎. الأيونات السالبة، والمعروفة بـ "أنيونات"، لديها قابلية أقل بكثير لإضافة الماء (الترطّب). في هذه الحالة الأيونات تجذب الأطراف الموجبة للجزيئات القطبية من المياه. إن أحجام الأيونات في شكلها الرطب تعتبر مهمة للعديد من العمليات التي تحدث في بيئة المياه الجوفية.

نتيجة للتفاعل الكيميائي والبيوكيميائي بين المياه الجوفية والمواد الجيولوجية حيث تجري المياه، وبدرجة أقل نتيجة الاسهامات من الغلاف الجوي والمياه السطحية، فإن المياه الجوفية تحتوي على تشكيله واسعة من المكونات الكيميائية غير العضوية المذابة وبتركيز مختلف. إن تركيز إجمالي المواد الصلبة المذابة (TDS) في المياه الجوفية يُحدَد من خلال وزن المخلفات الصلبة التي تحصل من خلال تبخير حتى الجفاف لحجم مقاس من عينة مفلترة. إن المخلفات الصلبة تحتوي في معظم الأحيان على مكونات غير عضوية وكمية قليل جداً من المواد العضوية. إن الـTDS في المياه الجوفية يتفاوت بأكثر من ضعف. يعرض الجدول 3.2 لمخطط بسيط ولكنه شائع الاستخدام لتصنيف المياه الجوفية استناداً الى TDS. لوضع تفاوت التركيز في المياه بسياق، فإنه من المفيد الاشارة الى أن المياه التي تحتوي على أكثر من 2000-3000 مليغرام/ليتر TDSهي بشكل عام مياه مالحة جداً للشرب. إن إجمالي المواد الصلبة المذابة لمياه البحر هو حوالي 35،000مليغرام/ليتر.

جدول 3.2 تصنيف بسيط للمياه الجوفية بحسب إجمالي المواد الصلبة المذابة

الفئة إجمالي المواد الصلبة المذابة  (مليغرام/ليتر أو غرام/متر مكعب)
مياه عذبة 1000-0
مياه مالحة 10،000-1000
مياه شديدة الملوحة 100،000-10،000
محلول مائي ملحي أكثر من 100،000

يمكن النظر الى المياه الجوفية كمحلول كهربائي حيث أن معظم مكوناتها المذابة الأساسية والثانوية تتواجد بشكل أيوني. يمكن الحصول على مؤشر عام لإجمالي المكونات الأيونية المذابة من خلال تحديد قدرة المياه على تمرير تيار كهربائي. هذه الخاصية تدون عادة كـالناقلية الكهربائية أو الموصلية، ويُعبّر عنها بالناقلية لمكعب من المياه كل جنب منه 1 سم مربع. هي عكس المقاومة الكهربائية ولديها وحدات قياس تعرف بـ سيمنز (S) أو مايكروسيمنز (µS) استناداً الى نظام الوحدات الدولي. في الماضي كانت هذه الوحدات تُعرف بـ ملي كولومب و ميكرو كولومب. القيمة هي نفسها، فقط التسميات مختلفة. الناقلية للمياه الجوفية تتراوح من بضعة عشرات من الميكروسيمنز للمياه غير المالحة مثل مياه الأمطار الى مئات آلاف الميكروسيمنز للمحلولات المالحة في الأحواض الرسوبية العميقة.

يعرض الجدول 3.3 تصنيفاً للمكونات غير العضوية التي تتواجد في المياه الجوفية. إن تصنيف مستويات التركيز (الوارد في الجدول) هو فقط دليل عام حيث أن تلك المستويات تكون أعلى في بعض أنواع المياه الجوفية. إن المكونات الرئيسية في الجدول 3.3 تتواجد بشكل أساسي على شكل أيوني وتعرف عادة بالـ"الأيونات الرئيسية" ‎(Na+، Mg2+، Ca2+، Cl، \ce{HCO^-_3}، SO42-)‎. إن مجموع التركيز لهذه الأيونات الست الرئيسية تؤلف عادة أكثر من 90% من إجمالي المواد المذابة في المياه، بغض النظر إذا كانت المياه مخففة أو لديها ملوحة أعلى من مياه البحر.

جدول 3.3 تصنيف المكونات غير العضوية المذابة في المياه الجوفية

المكونات الرئيسية (أعلى من 5 مليغرام/ليتر)
بيكربونات سيليكون
كالسيوم صوديوم
كلورايد كبريت
ماغنزيوم حمض الكربونيك
المكونات الطفيفة (0.01-10.0 مليغرام/ليتر)
بورون نيترات
كاربونات بوتاسيوم
فلور سترونتيوم
حديد  
العناصر الشحيحة (أقل من 0.1 مليغرام/ليتر)
ألمنيوم مولبيدنوم
إثمد نيكل
زرنيخ نيوبيوم
باريوم فوسفور
بريليوم بلاتين
بزموث راديوم
بروم روبيديوم
كادميوم روثينيوم
سيريوم سكانديوم
سيزيوم سيلينيوم
كروم فضة
كوبالت ثاليوم
نحاس ثوريوم
جاليوم قصدير
جرمانيوم تيتانيوم
ذهب تنجستن
إنديوم يورانيوم
يود فاناديوم
لانثانوم يتربيوم
رصاص يتريوم
ليثيوم خارصين
منجنيز زركونيوم
المصدر: Davis & De Wiest, 1966.

إن تراكيز المكونات الرئيسية والطفيفة والشحيحة في المياه الجوفية يحكمها وجود العناصر في التربة والصخور التي مرت خلالها المياه، والمحددات الجيوكيميائية مثل الذوبانية والامتزاز، ومعدل (حركية) العمليات الجيوكيميائية، والتسلسل الذي من خلاله لامست المياه خلال جريانها المعادن المختلفة الموجودة في المواد الجيولوجية. إن تأثر تراكيز المكونات غير العضوية المذابة بأنشطة الانسان بات أمراً شائعاً. إن إسهامات المصادر البشرية يمكن أحياناً أن تدفع بعض العناصر الطفيفة والشحيحة المبيّنة في جدول 3.3 بأن تصبح ملوثات بمستويات تراكيز أعلى من المعدلات الطبيعية المدرجة في الجدول بأضعاف.

المكونات العضوية

إن المركبات العضوية هي تلك التي تتضمن كربون وفي العادة هيدروجين وأكسيجين كعناصر أساسية في بنيتها الهيكلية. كتعريف، إن الكربون هو العنصر الأساسي. إن الاصناف ‎H2CO3‎، ‎CO2‎، ‏\ce{HCO^-_3}،و‏CO32-‎ تعتبر مهمة في كل أنواع المياه الجوفية، ولكنها غير مُصنّفة كمركبات عضوية.

المواد العضوية منتشرة بكثرة في المياه الجوفية الطبيعية، على الرغم أن تراكيزها – بشكل عام – طفيفة نسبة للمكونات غير العضوية. يُعرف القليل عن الطبيعة الكيميائية للمواد العضوية في المياه الجوفية. دراسة مياه التربة تفترض بأن معظم المواد العضوية المذابة في أنظمة الجريان تحت السطحية هي حمض الفولفيك وحمض الهيوميك.

الغازات المذابة

الغازات المذابة الأكثر تواجداً في المياه الجوفية هي: ‎N2، O2، CO2، CH4‎ (ميثان)، ‎H2S‎ و‎N2‎O. أول ثلاثة يؤلفون الغلاف الجوي للأرض، ولذلك فإن وجودهم في المياه الجوفية أمر غير مستغرب. إن كل من CH4، H2S و N2Oتتواجد عادة في المياه الجوفية بكميات كبيرة لأنها من انتاج عمليات بيوجيوكيميائية تحدث في المنطقة تحت أرضية غير المهّواة. كما سيتم تبيانه لاحقاً في هذا الفصل والفصل السابع، إن تراكيز هذه الغازات يمكن أن تخدم كمؤشرات للظروف الجيوكيميائية في المياه الجوفية.

إن الغازات المذابة يمكن أن يكون لها أثر كبير على البيئة الهيدروكيميائة تحت الأرضية. يمكن لهذه الغازات أن تحُدّ من فائدة المياه الجوفية، وفي بعض الحالات يمكن أن تُشكّل مشاكل أساسية أو حتى مخاطر. على سبيل المثال، فإن ‎H2S‎ وبسبب رائحتها، يمكن لتركيز أكبر من 1 مليغرام/ليتر أن يجعل المياه غير صالحة للاستخدام البشري. يمكن لفقاعات ‎CH4‎ الخارجة من المياه أن تتجمع في الآبار أو الأبنية، وتُشكّل خطراً بالانفجار، كما يمكن للغازات الخارجة أن تُشكّل فقاعات في الآبار وشاشاتها ومضخاتها، ما يسبب تدني في انتاجية البئر وفعاليته. إن الرادون 222 (222Rn) – الذي هو مكون أساسي في المياه الجوفية كونه ينتج عن اضمحلال اليورانيوم والثوريوم المشعان اللذين يتواجدان في الصخر والتربة – يمكن أن يتجمع الى تراكيز غير مرغوبة في الأجزاء السفلية غير الخاضعة للتهوية. إن منتجات اضمحلال الرادون 222 يمكن أن تكون خطيرة على حياة الانسان.

إن الأنواع الأخرى من الغازات المذابة والتي تتواجد في المياه الجوفية بكميات قليلة جداً يمكن أن تعطي معلومات حول مصادر المياه، عمرها، أو عوامل أخرى ذات اهتمام هيدرولوجي أو جيوكيميائي. الجدير ذكره في هذا السياق هو Ar، He، Kr، وXe، والتي شرح Sugisaki (1959، 1961)‎ وMazor (1972)‎ استخداماتها في دراسة المياه الجوفية.

وحدات التراكيز

للحصول على نقاش مفيد حول الجوانب الكيميائية للمياه الجوفية لا بد من تحديد الكمية النسبية للمُذاب (المكونات العضوية وغير العضوية المذابة) والمذيب (المياه)، وهذا يمكن تحقيقه من خلال وحدات للتراكيز حيث يوجد العديد من أنواع التراكيز المستخدمة.

تُعرّف "المولالية" بأنها عدد جزيئات المذاب المذابة في كيلوغرام واحد من المذيب، وهذه الوحدة هي من نظام الوحدات الدولي، ورمزها مول/ كلغ (mol/kg). إن الرمز المشتق لهذه الكمية هو "mB"، حيث ترمز "B" الى المذاب، وتستخدم عادة لتعيين المذيب. إن المول الواحد من المركّب هو المعادل لوزن جزيئي واحد.

"المولاريتية" هي عدد جزيئات المذاب في 1 متر مكعب من المذيب. الوحدة الدولية للمولاريتية يُرمز لها بـ مول/ م3 (mol/m3). من المفيد الاشارة الى أن 1 مول/ م3 يساوي 1 ميلي مول/ليتر. المول بالليتر، ورمزها مول/ليتر (mol/l)، هي وحدة مسموح بها للمولاريتية في نظام الوحدات الدولية، والمستخدمة عادة في دراسات المياه الجوفية.

إن "تركيز الوزن" هو وزن المذاب في حجم محدد من المحلول. الوحدة الدولية لهذه القيمة هي كيلوغرام في المتر المكعب، ورمزها كلغ/م3 (kg/m3). الغرام بالليتر (g/l) هي وحدة مسموح بها. إن وحدة تركيز الوزن الأكثر شياعاً في أرشيف دراسات المياه الجوفية هو الميلي غرام بالليتر (mg/l). انطلاقاً من أن 1ميلي غرام/ليتر يساوي 1 غرام/م3، فإنه لا فرق في قيمة هذه الوحدة (ميلي غرام/ليتر) والوحدة المسموح بها في نظام الوحدات الدولية (غرام/م3).

هناك العديد من الوحدات من غير نظام الوحدات الدولية والتي تظهر عادة في دراسات المياه الجوفية. المكافئ بالليتر (epl) هو عدد جزيئات المذاب، مضروب برقم التكافؤ للنوع المذاب، في الليتر الواحد من المحلول.

"المكافئ بالمليون" (epm) هو عدد جزيئات المذاب مضروبة برقم التكافؤ للنوع المذاب في 106 غرام من المحلول، أو يمكن كتابتها كمليغرام مكافئ (أو ميلي مكافئ غرامي) من المذاب في كيلوغرام من المحلول:

"الأجزاء بالمليون" (ppm) هو عدد غرامات المذاب في مليون غرام من المحلول

بالنسبة للمياه غير المالحة، فإن 1 ppm يساوي 1 غرام/م3 أو 1 مليغرام/ليتر. "الكسر المولي" (XB) هو نسبة عدد المولات لمذاب معين الى العدد الاجمالي للمولات لكل المكونات في المحلول. إذا كانت الـnB هي المولات في المذاب، nA هي المولات في المذيب، وnC، nD، … ترمز الى المولات في المذابات الأخرى، فإن الكسر المولي للمذيب B هو:

X_B = \frac{n_B}{n_\text{A} + n_\text{B} + n_\text{C} +n_\text{D} + ...}

أو أنXB للمحلولات المائية يمكن التعبير عنها بـ:

X_B = \frac{m_B}{55.5 + \sum m_{\text{B, C, D}}...}

حيث يرمز حرف “م” للمولالية.

في إجراءات التحليل الكيميائي، فإن أكثر طريقة ملائمة للحصول على الكميات هي من خلال استخدام الأواني الزجاجية الحجمية. لذلك فإن التركيزات عادة ما يُعبّر عنها في المختبر من خلال وزن المذاب في حجم معين من الماء. إن معظم المختبرات الكيميائية تُسجّل نتائج التحليلات بالمليغرام في الليتر أو – بحسب نظام الوحدات الدولي – في الكيلوغرام في المتر المكعب. عند استخدام نتائج التحليلات الكيميائية في سياق جيوكيميائي فإن العادة هي باستخدام معطيات يتم التعبير عنها بالمولالية أو المولاريتية، على اعتبار أن العناصر تدمج لتأليف مركبات استناداً الى العلاقات بين المولات وليس قيمة الكتلة أو وزنها. للتحويل بين المولاريتية والكيلوغرام في المتر المكعب أو المليغرام في الليتر، يتم استخدام المعادلة التالية:

إذا كانت المياه لا تحتوي على تركيزات كبيرة من مجموع المعادن المذابة وإذا كانت الحرارة قريبة من 4 درجات مئوية، فإن الليتر الواحد يزن 1 كلغ، وفي هذه الحالات تكون المولاليتي والمولاريتي متساويتان و1مليغرام/ليتر = 1 ppm. في معظم المقاصد العملية فإن المياه التي تتمتع بأقل من حوالي 10,000مليغرام/ليتر من مجموع المعادن المذابة وعلى حرارة أقل من حوالي 100 درجة مئوية يمكن اعتبار بأن كثافتها قريبة من 1 كلغ/ليتر. إذا كانت المياه لديها ملوحة أو حرارة أعلى، فإن تصحيحات الكثافة تصبح مطلوبة عند التحويل بين الوحدات التي لديها كتلة وحجم.

3.2 التوازن الكيميائي

قانون نشاط الكتلة

إن أحد الارتباطات الأكثر فائدة في تحليل العمليات الكيميائة في المياه الجوفية هو “قانون نشاط الكتلة”. من المعروف منذ أكثر من عقد بأن القوة المحركة للتفاعل الكيميائي مرتبطة بتركيزات المكونات المتفاعلة وتركيزات منتجات التفاعل. تأمّل المكونات B و C المتفاعلة لإنتاج D و E،

b\text{B} + c\text{C} \ce{<=>} d\text{D} + e\text{E} (3.2)

حيث أن الأحرف b، c، d و e هي عدد المول للمكونات الكيميائية B، C، D، E بالتتالي.

إن قانون نشاط الكتلة يُظهر العلاقة بين المتفاعلات والمنتجات عندما يكون التفاعل في حالة توازن،

K = \frac{[D]^d[E]^e}{[B]^b[C]^c} (3.3)

حيث أن K هو معامل معروف بإسم "ثابت التوازن الثرموديناميكي" أو "ثابت الاستقرار". الأقواس ([ ]) تحدد بأن التركيز للمكون هو التركيز الثرموديناميكي الفعال، والمعروف عادةً بـ "النشاط" (activity). إن المعادلة 3.3 تُبيّن بأنه لأي حالة ابتدائية، فإن التفاعل في المعادلة 3.2 سوف يتقدم حتى المتفاعلات والمنتجات تصل الى حالة التوازن في النشاط. استناداً الى النشاط الابتدائي، فإن التفاعل يمكن أن يتقدم الى اليسار أو اليمين لتحصيل هذه الحالة من التوازن.

إن قانون نشاط الكتلة لا يتضمن أي عامل للتعبير عن معدل تقدم التفاعل، ولذلك فهو لا يحمل أي معطى حول حركية التفاعل الكيميائي، فهي بيان للتوازن فقط. على سبيل المثال، تأمّل التفاعل الذي عند جريان المياه الجوفية داخل خزان جوفي من الحجر الكلسي المكون من الكالسيت (‎CaCO3‎). إن التفاعل المـُعبّر عن التوازن الثرموديناميكي للكالسيت هو:

\ce{CaCO3 <=> Ca^{2+} + CO3^{2-}} (3.4)

هذا التفاعل يتقدم الى اليمين (ذوبان المعدن) أو الى اليسار (ترسّب المعدن) حتى يتم تحقيق توازن الكتلة والنشاط، وهذا يمكن أن يتطلب سنوات أو حتى آلاف السنين. بعد حصول اضطراب في النظام، مثل زيادة المتفاعلات أو إزالة المنتجات، فإن النظام سوف يتقدم نحو حالة التوازن. في حال تغيّر الحرارة أو الضغط، فإن النظام سوف يتقدم باتجاه توازن جديد لأن قيمة عامل K سوف تتغيّر. إذا كانت الاضطرابات متكررة مقارنة مع معدل التفاعل، فإن التوازن لن يحصل أبداً. إن بعض التفاعلات الكيميائية بين المياه الجوفية والمواد التي تحوزها لا تصل أبداً الى حالة التوازن، وهذا ما سنعرضه في الباب السابع من هذا الكتاب.

معامل النشاط

بحسب قانون نشاط الكتلة، فإن تركيز المذاب يُعبّر عنه بالنشاط. يوجد ترابط بين النشاط والمولالية على الشكل التالي:

a_i = m_i \gamma_i (3.5)

حيث أن ai هي نشاط صنف المذاب i، mi هي المولالية، وγi هي معامل النشاط. γ تحمل عكس أبعاد المولالية (كلغ/مول)، ولذلك فإن ai بلا أبعاد. γi هي أصغر من 1 للمكونات الأيونية باستثناء المياه التي تتمتع بتركيز ملوحة عالي. في القسم السابق تم مقاربة "النشاط" بصفته التركيز الفعال الثرمويناميكي، وذلك لأنه من المناسب من الناحية النظرية من اعتباره ذاك الجزء من mi المشارك واقعاً في التفاعل. لذلك فإن مفاعل النشاط هو فقط عامل تعديل والذي يمكن استخدامه لتحويل التركيز الى شكل مناسب للاستخدام في معظم المعادلات المرتكزة على الثرمويناميكية.

إن معامل النشاط لأي مذاب هي نفسها في كل المحلولات المتساوية في قوة الأيون. يتم تعريف قوة الأيون بالعلاقة التالية:

I = \frac{1}{2} \sum m_i z_i ^2 (3.6)

حيث أن  miهي المولالية للصنف i، وzi هي التكافؤ أو الشحنة التي تحملها الأيون. بالنسبة للمياه الجوفية حيث أن الأيونات الأساسية الست هي المكونات الوحيدة التي تتواجد بتركيز كبير، فإن:

I = \ce{\frac{1}{2}[(Na+) + 4(Mg^{2+}) +4(Ca{2+}) + (HCO^-_3) + (Cl-) + 4(SO^{2-}_4)]} (3.7)

حيث أن الكميات بين قوسين هي المولالية. لتحصيل قيمة γi فإن العلاقة البيانية لـγ مقابل I والمبينة في الشكل 3.3 يمكن استخدامها لأجل المكونات غير العضوية المشتركة، أما في حالة التركيز المخفف فيمكن استخدام علاقة معروفة بإسم معادلة دبي-هاكل (الملحق رقم 4). في حال كانت قوة الأيون أقل من حوالي 0.1، فإن معادل النشاط للعديد من الأيونات الأقل اشتراكاً يمكن تقديرها من خلال جدول كيلاند ‎(Kielland)‎، والموجود أيضاً في الملحق رقم 4. للاطلاع على نقاش حول الأساس النظري لعلاقات معادل النشاط، يمكن للقارىء مراجعة Babcock (1963)‎. Guenther (1968)‎ قام بمقارنة بين القيم في المختبر والقيم المحتسبة لمعادل النشاط.

التوازن والطاقة الحرة

من جهة نظر ثيرموديناميكية فإن حالة التوازن هي حالة من الاستقرار الأقصى والتي يتحرك فيها النظام الفيزيوكيميائي المغلق من خلال عمليات لا رجعة فيها ‎(Stumm & Morgan, 1970)‎. إن مبدأ الاستقرار وعدم الاستقرار بالنسبة لنظام ميكانيكي بسيط يخدم كخطوة توضيحية باتجاه إنشاء مبدأ ثيرموديناميكي للتوازن. Guggenheim (1949)‎ وآخرين استخدموا نفس الأمثلة. اختار ثلاثة وضعيات مختلفة "متوازنة" لصندوق مستطيل على سطح أفقي (الشكل 3.4(أ)). الوضعية 3 هي أكثر وضعية "مستقرة" التي يمكن للصندوق تحقيقها. في هذه الوضعية فإن الطاقة الجاذبية الكاملة هي بحدها الأدنى، وفي حال تعرضت هذه الوضعية لقليل من الاضطراب فإنها سوف تتحول الى حالة "التوازن المستقر" (stable equilibrium). في الوضعية رقم 1، الصندوق في وضعية توازن أيضاً بحيث أنه سوف يعود في حال تعرض لاضطراب "بسيط" فقط، ولكن في هذه الوضعية الطاقة الكاملة ليست بحدها الأدنى، ولذلك يتم الاشارة اليها بحالة "التوازن المتبدّل" (metastable equilibrium). أما إذا تعرض الصندوق في الوضعية رقم 2 لاضطراب بسيط فإن الصندوق سوف ينتقل الى وضعية جديدة، وتكون الوضعية رقم 2 هي "التوازن غير المستقر" (unstable equilibrium).

الشكل 3.3 علاقات معادل النشاط مقابل قوة الأيون لمكومات الأيون المشتركة في المياه الجوفية.

القياس بين النظام الميكانيكي والنظام الثيرموديناميكي تم توضيحه في الشكل رقم 3.4(ب). بالاستناد الى تطوير Stumm & Morgan (1970)‎، فإن الطاقة المعممة أو المظهر الانتروبي، الافتراضي، يمكن تبيانه كدالة من النظام. إن حالات التوازن المستقر، والمتبدّل، وغير المستقر تظهر كأخاديد وقمم على دالة الطاقة أو الانتروبيا. إذا كان النظام الكيميائي موجود في حالات مغلقة تحت تأثير حرارة وضغط ثابت، فإن استجابته للتغيير يمكن تبيانها من دالة طاقة محددة تُعرف بـ طاقة غيبس الحرّة ‎(Gibbs free energy)‎، وذلك نسبة الى ويلارد غيبس ‎(Willard Gibbs)‎ مؤسس الثيرموديناميكية الكلاسيكية. هذا الاتجاه المحتمل للتغيير كاستجابة للتغيير في أحد متغيرات التكوين هي تلك المترافقة مع انخفاض في طاقة غيبس الحرّة. الحالة C هي الحالة الأكثر استقراراً لأن لديها الحد الأدنى المطلق من طاقة غيبس الحرّة تحت شروط النظام المغلق وحرارة وضغط ثابت. الحالة A مستقرة بالنسبة للحالات شبه اللامحدودة للنظام، ولكنها غير مستقرة بالنسبة لتغيير محدود باتجاه الحالة C. العمليات الطبيعية تسير باتجاه حالات التوازن وليس بالاتجاه المعاكس أبداً. ولذلك فإن التوازن الثيرموديناميكي موجود في حالات التوازن المستقر والمتبدّل ولكن ليس في حالة التوازن غير المستقر.

الشكل 3.4 مبادئ في التوازن الميكانيكي والكيميائي. (أ) متبدّل، غير مستقر، ومستقر في نظام ميكانيكي. (ب) التبدّلية، عدم الاستقرار والاستقرار لحالات طاقة مختلفة في نظام ثيرموديناميكي (بعد ‎Stumm & Morgan, 1970)‎.

إن القوة المحرّكة في التفاعل الكيميائي عادة ما يتم تمثيلها من خلال طاقة غيبس الحرّة والمشار اليها بـ ΔGr. بالنسبة لنظام على حرارة وضغط ثابت، فإن ΔGr تُمثّل التغيير في الطاقة الداخلية في الكتلة وهي مقياس لقدرة التفاعلات للقيام بعمل غير ميكانيكي. حيث أن غايتنا في هذا الكتاب من استخدام المعطيات حول الثرموديناميكية هو التركيز على معرفة الاتجاهات التي ستسلكها التفاعلات ولأجل تحصيل قيمة رقمية لثابت التوازن، فإن هناك حاجة قليلة من أجل الأخذ بالاعتبار المكونات الثيرموديناميكية، وعلى القارئ مراجعة النص الذي أعده ‎Denbigh (1966)‎، والنقاش الشامل لثيرموديناميكية أنظمة التربة لـ ‎Babcock (1963)‎.

إن الشرط للتوازن الكيميائي يمكن تعريفه بالتالي:

مجموع (Σ) الطاقة الحرّة للمنتجات – مجموع (Σ) الطاقة الحرّة للمتفاعلات = 0 (3.8)

إن الخطوة التالية هي بربط التغيرات في الطاقة الحرّة للتفاعلات مع ثوابت التوازن الخاصة بها. لأجل ذلك هناك حاجة لنظام احتساب للطاقة الحرّة. إن "الطاقة الحرّة الأساسية للتكوين"، \Delta G^0_f، هي الطاقة الحرّة للتفاعل من أجل إنتاج 1 مول من مادة من العناصر الثابتة تحت ظروف محددة بـ ظروف "الحالة الأساسية". إن الطاقة الحرّة الأساسية للعناصر بأشكالها الأكثر صفاءً وثباتاً خصص لها قيمة صفر تعارفاً. كذلك، فإنه من المناسب إعطاء قيمة صفر لـ \Delta G^0_f الخاصة بأيون الهيدروجين. على سبيل المثال، فإن الكربون بشكل غرافيت والأكسيجين بشكل O2 لديهما قيمة صفر  \Delta G^0_f، ولكن 1 مول من ثاني أوكسيد الكربون لديه \Delta G^0_fتساوي  ‎-386.41 kJ‎ ‎(-92.31 kcal)‎ وهي الطاقة المنبعثة عندما يتشكل CO2 من العناصر المستقرة في حالاتها الأساسية. إن الحالة الأساسية للمياه الصافية مُعرّفة بواحد على حرارة وضغط التفاعل، وبالنسبة للمذاب فإن الحالة الأساسية هي تركيز آحادي المول في ظرف افتراضي حيث أن معادل النشاط هو آحادي، أي في ظرف يكون فيه النشاط مساوياً للمولالية. بالنسبة للغازات، فإن الحالة الأساسية هي غاز صافي على 1بار كمجموع الضغط وعلى حرارة التفاعل. هذا النظام من الحالات الأساسية يمكن أن يبدو بأنه مُعقّد لغير فائدة، ولكنه في الواقع يؤدي الى نظام متناسق ومرتّب للضبط والتوثيق. يمكن مراجعة ‎Berner (1971)‎ لشرح أكثر تفصيلي حول الحالات الأساسية.

إن "الطاقة الحرّة الأساسية للتفاعل"،  \Delta G^0_r، هي مجموع الطاقات الحرّة لتكوين المنتجات في حالاتها الأساسية ناقص الطاقات الحرّة لتكوين المتفاعلات في حالاتها الأساسية:

(3.9)

بالنسبة للتفاعل العام في معادلة 3.2، فإن التغيير في الطاقة الحرّة للتفاعل مرتبطة بالتغيير في الطاقة الحرّة الأساسية ونشاط كل من المتفاعلات والمنتجات، والتي يتم قياسها على نفس الحرارة، وذلك من خلال التعبير التالي:

\Delta G_r = \Delta G_r^0 + RT \hspace{1mm}\text{ln} \frac{[D]^d[E]^e}{[B]^b[C]^c} (3.10)

حيث أن R هي ثابت الغاز العام، و T هي الحرارة في درجات كلفن. على حرارة 25 درجة مئوية،  ‎R=8.314 J/K ‎أو ‎0.001987 kcal/K.mol‎. إن تحويل الحرارة من مقياس سلسيوس الى مقياس كلفن يتم من خلال العلاقة K=oC + 273.15 . لكي يسير التفاعل الكيميائي من تلقاء نفسه كما هو مكتوب، فإن  \Delta G^0_r يجب أن تكون أصغر من صفر، أي يجب أن يكون هناك انخفاض صافي في الطاقة الحرّة. في حال كانت \Delta G^0_r>0فإن التفاعل يمكن أن يسير فقط من اليمين الى اليسار. إذا كانت \Delta G^0_r=0 فإن التفاعل لن يسير في أي اتجاه، وفي هذه الحالة يكون قد تم تحقيق حالة التوازن. انطلاقاً من تعريفنا للحالة الأساسية للمذاب (ظروف آحادية المول حيث أن γ = 1)، \Delta G^0_r = ΔGr في الحالة الأساسية لأن ‎[D]d[E]e/[B]b[C]c = 1‎، ولذلك فإن اللوغاريتم الطبيعي لهذا التعبير هو صفر. إن استبدال ثابت التوازن (المعادلة 3.3) في المعادلة 3.10يؤدي الى حالات توازن،

\Delta G_r^0 = - RT \hspace{1mm}\text{ln} K (3.11)

في ظروف الحالة الأساسية، فإن ثابت التوازن يمكن تحصيله من خلال معطيات الطاقة الحرّة من خلال الارتباطات التالية:

\log K = -0.175 \Delta G_r^0 (\text{for} \hspace{1mm} \Delta G_r^0 \hspace{1mm} \text{in kJ/mol})
(3.12)

\log K = -0.733 \Delta G_r^0 (\text{for} \hspace{1mm} \Delta G_r^0 \hspace{1mm} \text{in kcal/mol})

حيث أن Δ  يمكن تحصيلها من المعادلة 3.9 من خلال استخدام معطيات Δ . إن قيمة Δ  على حرارة 25 درجة مئوية و 1 بار تم جدولتها لآلاف المعادن، الغازات والأنواع المائية التي تتواجد في الأنظمة الجيولوجية ‎(Rossini et al., 1952; Sillen & Martell, 1964, 1971)‎. هناك جداول أقل شمولية مناسبة لاستخدام الطلاب موجودة في كتب من تأليف ‎Garrels & Christ (1965)‎، Krauskopf (1967)‎، و ‎Berner (1971)‎.

بالمقارنة مع كثرة المعلومات حول Δ  في ظروف 25 درجة مئوية و1 بار، هناك ندرة بالمعلومات لدرجات حرارة وحالات ضغط أخرى. الضغط لديه تأثير محدود على قيمة Δ  وبالتالي لديه تأثير قليل على ثابت التوازن. من ناحية عملية، إن الفروقات في قيمة K تعتبر ضئيلة إذا ما أخذنا الاختلاف في ضغط السوائل في بضعة مئات الأمتار الأولى من قشرة الأرض. ولكن الفروقات في بضعة درجات يمكن أن يحدث تغيير كبير في ثابت التوازن. للحصول على تقديرات لقيمة K على درجات حرارة مختلفة، يمكن استخدام معادلة فانت هوف (van’t Hoff)، والمسماة بعد الفيزيائي الكيميائي الهولندي الذي كان له مساهمات مهمة في فهم سلوك المحلول أواخر الـ 1800 وبدايات الـ 1900،

\log K_T = \log K_{T^*} - \frac{\Delta H_{T^*}}{2.3 R}\left( \frac{1}{T} - \frac{1}{T^*} \right) (3.13)

حيث أن T* هي الحرارة المرجعية، عادةً 298.15 كلفن (25 درجة مئوية)، T هي حرارة المحلول، و ΔHT هي المحتوى الحراري. المعلومات حول المحتوى الحراري للعديد من المعادن، والغازات، والأنواع المذابة محل الاهتمام تم جدولتها في الجداول المشار اليها سابقاً. حيث أن معادلة فانت هوف تأخذ بالاعتبار حرارتين فقط وتفترض وجود علاقة خطية بينهما، فإنها تعطي نتائج تقريبية فقط. إن المقاربة الأفضل هي في تطوير علاقات استيفاء محددة من معطيات الطاقة الحرّة على امتداد واسع من درجات الحرارة، حال كانت المعلومات متوفرة.

لتوضيح استخدام معلومات \Delta G^0_f  لتحصيل ثوابت التوازن، انظر في استخدام تفاعل ذوبان الكالسيت كما وردت في المعادلة 3.4. إن قيَم \Delta G^0_f  الصافية هي على التوالي ‎-1129.10‎، ‎553.04‎، و‎-528.10 kJ‎ على حرارة 25درجة مئوية و1 بار. ولذلك فإن الطاقة الحرّة الأساسية للتفاعل هي،

\Delta G^0_r = (-553.04 - 528.10) - (-1129.10)

من المعادلة 3.12 ولحرارة 25 درجة مئوية و1 بار، نحصل على،

logKcalcite = -8.40   أو  Kc = 10-8.40

\log K_{\text{calcite}} = -8.40 \hspace{0.5cm} \text{or} \hspace{0.5cm} K_c = 10^{-8.40}

الغازات المذابة

عند تعرض المياه لحالة غازية، يتحقق توازن بين الغاز والسائل من خلال تبادل الجزيئات عبر واجهة السائل والغاز. إذا كانت المرحلة الغازية هي مزيج من أكثر من غاز واحد، يتحقق التوازن لكل غاز. إن الضغط الذي يحدثه كل غاز في الخليط هو "الضغط الجزئي"، والذي يتم تعريفه بالضغط الذي يُحدثه مكوّن محدد من الغاز في حال احتل نفس الحجم لوحده. إن "قانون دالتون للضغط الجزئي" يقول بأنه في حال وجود خليط من الغازات فإن الضغط الكلي يساوي مجموع الضغط الجزئي. إن الضغط الجزئي للبخار يعرف أيضاً بـ "ضغط البخار".

تحتوي المياه الجوفية على غازات مذابة نتيجة (1) تعرضها للغلاف الجوي للأرض قبل التسرّب الى بيئة باطن الأرض، و(2) الاحتكاك بغازات التربة خلال عملية التسرّب في الطبقة غير المشّبعة، أو (3) انتاج الغاز تحت المستوى المائي نتيجة التفاعلات الكيميائية والبيوكيميائية التي تُعنى بالمياه الجوفية، المعادن، المواد العضوية، والنشاط البكتيري.

الغاز الأكثر أهمية في المياه الجوفية هو على الأرجح ثاني أوكسيد الكربون (CO2). تفاعلان يشرحان عملية التفاعل بين ‎CO2‎ بحالتها الغازية ومكوناتها المذابة،

\ce{CO2 (g) + H2O <=> CO2(aq) + H2O} (3.14)

\ce{CO2(g) + H2O <=> H2CO3(aq)} (3.15)

حيث أن اللواحق "g" و "aq" يدلان على المكونات الغازية والمذابة، على التوالي. إن نسبة ‎CO2(aq)/H2CO3‎ هي أكبر من واحد بكثير في المحلولات المائية، ولكن من المتعارف عليه أن يتم الإشارة الى ‎CO2‎ المذاب في المياه بـ‎H2CO3‎  (حمض الكربونيك). إن هذا الاستخدام لا يضر في التعميم ما دام الاتساق محفوظ في مكان آخر عند معالجة هذه المكونات الجزئية المذابة. هذه القضايا شرحها Kern (1960)‎ بالتفصيل.

إن الضغط الجزئي لغاز مذاب هو الضغط الجزئي الذي يكون فيه الغاز المذاب في حالة توازن عندما يكون الخليط في حالة احتكاك مع مرحلة غازية. يتم في العادة التعامل مع الضغط الجزئي للمذاب مثل ‎H2CO3‎ أو ‎O2‎ المذاب حتى لو كانت المياه معزولة عن المرحلة الغازية. على سبيل المثال، يمكننا الإشارة الى الضغط الجزئي لثاني أكسيد الكربون المذاب في المياه الجوفية على الرغم من أن المياه معزولة عن الغلاف الجوي للأرض وعن الغازات في مساحات المسامات المفتوحة فوق طبقة المستوى المائي.

الضغط الجزئي للمذاب في المحلولات المخفّفة، يُعبّر عنه بـالبار (1 بار = 105 N/m2)، هو متناسب مع المولالية لهذا المذاب، وهذا من بيانات “قانون هنري”. يمكن تطبيقها على الغازات التي لا تتمتع بميزة ذوبان عالية، مثل ‎CO2‎، ‎O2‎، ‎N2‎، ‎CH4‎، و ‎H2S‎. استناداً الى تطبيق قانون نشاط الكتلة على المعادلة 3.15،

K_\ce{CO2} = \ce{\frac{[H2CO3]}{[H2O][CO2(g)]}} (3.16)

حيث أن نشاط ‏H2O‎ هو واحد باستثناء المحلولات المالحة، ولأن الضغط الجزئي لـ ‎CO2‎ في وحدة الضغط البار يساوي قيمتها بالمولالية، فإن المعادلة 3.16 يمكن التعبير عنها بالتالي،

K_\ce{CO2} = \frac{\ce{[H2CO3]}}{\gamma_\ce{CO2} \cdot P_\ce{CO2}} (3.17)

حيث أن γCO2 هي معامل النشاط لـ ‎CO2‎ المذاب، وPCO2 هو الضغط الجزئي بالبار. بناءً لهذا التعبير يمكن احتساب الضغط الجزئي لـ ‎CO2‎ عند التوازن مع محلول ‎H2CO3‎ لديه نشاط محدد. إن معامل النشاط لمكونات المذاب التي لا شحنة لها، مثل الغازات المذابة (CO2, ‎O2‎, ‎H2S‎, ‎N2‎ …) هي أكبر من واحد. لذلك فإن الذوبانية لهذه الغازات في المياه تنخفض مع ارتفاع قوة الأيون، ويعرف هذا التأثير بـ "تأثير التمليح"  (Salting-out effect).

K_\ce{CO2} = \frac{\ce{[H2CO3]}}{\gamma_\ce{CO2} \cdot P_\ce{CO2}} (3.17)

الى جانب اعتمادها على قوة الأيون، فإن معامل النشاط يتأثر بنوع الشوارد الموجودة في المياه. على سبيل المثال، بالنسبة لقوة أيون معينة، فإن ‎CO2‎ هي أقل ذوباناً (يعني لديها معامل نشاط أعلى) في محلول  NaCl مقارنة مع محلول  KCl. إن معظم المسائل الجيوكيميائية محل الاهتمام في علم المياه الجوفية يتضمن محلولات لديها قوة أيون أقل من 0.1 أو 0.2. ولذلك فإنه من الناحية العملية يمكن تقدير معامل النشاط للغاز المذاب بواحد تقريباً. وتحت هذه الشروط فإن المعادلة 3.17 تُصبح على الشكل التالي:

K_\ce{CO2} = \frac{\ce{[H2CO3]}}{P_\ce{CO2}} (3.18)

3.3 ترابط وانحلال الغازات المذابة

حالة الحياد الكهربائي

قبل المضي بمناقشة عمليات التفاعل الكيميائي بين المياه الجوفية والطبقات الجيولوجية التي تجري فيها المياه، سيتم عرض سلوك المكونات المذابة في الحالة السائلة في ظل غياب التفاعل مع حالات صلبة.

شرط أساسي لمحلول الشوارد هي الحياد الكهربائي إذا ما قاربنا الأمر على مقياس عياني وليس جزيئي. إن مجموع الشحنات الأيونية الموجبة يساوي مجموع الشحنات الأيونية السالبة أو

\sum zm_c = \sum zm_a (3.19)

حيث أن z هي التكافؤ الأيوني، mc هي المولالية للكاتيون، وma هي المولالية للأنيون، وهذه المعادلة تُعرف بـ "معادلة الحياد الكهربائي" أو "معادلة توازن الشحنة"، وهي تُستعمل في معظم المعادلات حيث يوجد تفاعلات توازن بين المياه والمواد الجيولوجية.

أحد مؤشرات دقة معلومات تحليل المياه هي من خلال استخدام معادلة توازن الشحنة. على سبيل المثال، عند تحليل عيّنة من المياه للمكونات الأساسية المدرجة في الجدول رقم 3.3 وعند استبدال قيمة التركيز في المعادلة رقم 3.19 على الشكل التالي:

\ce{(Na+) + 2(Mg^{2+}) + 2(Ca^{2+}) = (Cl^-) + (HCO^-_3) + 2(SO4^{2-})} (3.20)

يُفترض بالكميات على يمين ويسار المعادلة أن تكون متساوية تقريباً. لم يتم تضمين السليكون في هذه المعادلة لأنها تتواجد بشكل حيادي وليس مع شحنة. في حال بروز انحراف معتبر عن التساوي فإن ذلك يعني وجود (1) خطأ تحليلي في تحديد التركيز أو (2) وجود مكون أيوني بتركيز معتبر لم يتم تضمينه في التحليل. من المتعارف أيضاً التعبير عن الانحراف من التساوي بالشكل التالي:

E = \frac{\sum zm_c - \sum zm_a}{\sum zm_c + \sum zm_a} \times 100 (3.21)

حيث أن E هي الخطأ في توازن الشحنة، والتي يتم التعبير عنها بالنسبة فيما التعابير الأخرى تم تعريفها من قبل.

في العادة فإن المختبرات تعتبر بأن أي خطأ في ميزان الشحنة أقل من 5% يُعتبر مقبولاً، علماً بأنه لبعض أنواع المياه الجوفية فإن العديد من المختبرات تصل الى نتائج بأخطاء أقل من ذلك بكثير. لا بد من الالتفات بأنه أحياناً يمكن أن يكون الخطأ في ميزان الشحنة مقبولاً نتيجة أن خطأ كبيراً في تحليل الأيونات عادل بعضه البعض، ولذلك فإن الخطأ في ميزان الشحنة لا يمكن استخدامه كمؤشر وحيد لاكتشاف أخطاء التحاليل.

لأجل احتساب خطأ ميزان الشحنة، يمكن أحياناً التعبير عن نتائج التحاليل الكيميائية كـ ميلي مكافئ مولي بالليتر. عند استخدام هذه الوحدات، يتم إلغاء تعابير التكافؤ من المعادلة رقم 3.20.

الانحلال ونشاط المياه

تخضع المياه للانحلال المتوازن في الحالة السائلة.

\ce{H2O <=> H+ + OH-} (3.22)

والتي استناداً الى قانون نشاط الكتلة يمكن التعبير عنها بالتالي:

K_w = \ce{\frac{[H]^+[OH^-]}{[H2O]}} (3.23)

حيث أن الأقواس تُمثّل النشاط. للتذكير، فإن نشاط المياه الصافية هي واحد تحت الظروف الأساسية للحالة، ويتم استخدام الحالة المرجعية لـ 25 درجة مئوية تحت ضغط 1 بار. وحيث أن بخار المياه يتصرف كغاز مثالي على ضغط منخفض أو متوسط، فإن نشاط المياه في المحلولات المائية يُعبّر عنه بـ:

\ce{[H2O]} = \frac{P_\ce{H2O}}{P^*_\ce{H2O}} (3.24)

حيث أن  هي الضغط الجزئي لغاز مياه صافية، و  هي الضغط الجزئي للغاز في المحلول. على حرارة 25درجة مئوية و1 بار فإن نشاط الماء في محلول NaCl على تركيز مشابه لذلك في مياه البحر، والتي هي 3%تقريباً، هو 0.98، وفي محلول 20% NaCl هو 0.84. لذلك وباستثناء المياه المرُكّزة جداً مثل الماء المالحة (أو المحلول الملحي)، فإنه يمكن ومن الناحية العملية اعتبار قيمة نشاط الماء مساوياً لواحد، وفي هذه الحالة،

K_w = \ce{[H+][OH^-]} (3.25)

إن قيمة Kw على حرارة بين 0 و50 درجة مئوية مدرج في الجدول 3.4. لأن تأثير ضغط السائل هو قليل جداً، فإن هذا التعبير مقبول أيضاً لضغط عالي حتى 100 بار. على ضغط 1000 بار وحرارة 25 درجة مئوية، فإن نشاط الماء يصبح 2.062 ‎(Garrels & Christ, 1965)‎.

جدول 3.4 ثابت التوازن لانحلال المياه، 0-60 درجة مئوية

t (درجة مئوية) Kw × 10-14
0 0.1139
5 0.1846
10 0.2920
15 0.4505
20 0.6809
25 1.008
30 1.469
35 2.089
40 2.919
45 4.018
50 5.474
55 7.297
60 9.614
المصدر: Garrels & Christ (1965)‎.

حيث أن pH هي اللوغاريتم السلبي لنشاط أيون الهيدروجين، فإن الماء على حرارة 25 درجة مئوية وpH 7 لديها نشاط ‎H+‎ و ‎OH‎ متساوي (\ce{[H+]} = \ce{[OH-]} = 1.00 \times 10^{-7}). على حرارة أقل فإن التساوي بين نشاطات ‎H+‎ و ‏OH‎ يحدث على pH أعلى والعكس صحيح للحرارة الأعلى. على سبيل المثال، على حرارة 0 درجة مئوية فإن التساوي يحدث على pH 7.53 وعلى حرارة 50 درجة مئوية فهو على pH 6.63.

الحمض متعدد البروتيك

إن أهم حمض في المياه الجوفية الطبيعية وفي العديد من المياه الجوفية الملوثة هو حمض الكربونيك (‏H2CO3‎)، والذي يتكون عندما يندمج ثاني أوكسيد الكربون (CO2) مع المياه (المعادلة 3.15). إن حمض الكربونيك يمكن أن يتحلل في أكثر من خطوة ناقلاً أيونات الهيدروجين (البروتونات) من خلال العمليات التالية:

\ce{H2CO3 <=> H+ + HCO^-_3} (3.26)

\ce{HCO^-_3 <=> H+ + CO3^{2-}} (3.27)

لأن أيونات الهيدروجين يُشار اليها عادة من قبل الكيميائيين بالبروتونات ولأنه يوجد تفكك لأكثر من أيون هيدروجين واحد، فإن حمض الكربونيك يُعرف بـ "حمض متعدد البروتيك". حمض آخر متعدد البروتيك يتواجد في المياه الجوفية، وإن كان بتركيز أقل من حمض الكربونيك، هو حمض الفوسفوريك، والذي يتفكك بثلاثة خطوات،

\ce{H3PO4 <=> H2PO^-_4 + H+} (3.28)

\ce{H2PO^-_4 <=> HPO4^{2-} + H+} (3.29)

\ce{HPO4^{2-} <=> PO4^{3-} + H+} (3.30)

بما أن معادلات الانحلال للأحماض متعددة البروتيك كلها تتضمن ‎H+‎، فإنه بالإمكان احتساب الجزء من الحمض بشكلها الجزيئي أو بأي واحد من أشكالها الأنيونية كدالة من pH. على سبيل المثال، بالنسبة لحمض الكربونيك، فإن ثوابت الانحلال للمعادلات 3.26 و 3.27 يمكن التعبير عنها استناداً الى قانون فاعلية الكتلة بالتالي:

K_\ce{H2CO3} = \ce{\frac{[H+][HCO^-_3]}{[H2CO3]}} (3.31)

K_\ce{HCO^-_3} = \ce{\frac{[H+][CO3^{2-}]}{[HCO^-_3]}} (3.32)

إن تعبير توازن الكتلة للكربون في الحمض وفي أنواعها الأنيونية المتفككة هي (التعبير بالمولالية):

\text{DIC} = \ce{(H2CO3) + (HCO^-_3) + (CO3^{2-})} (3.33)

حيث أن DIC هي التركيز لمجموع الكربون غير العضوي المذاب في هذه الأنواع. إذا ما أخذنا مثلاً قيمة 1 لـ DIC، وأعدنا التعبير عن المعادلة 3.33 من ناحية ‏pH‎، ‏\ce{HCO^-_3}، ‏KH2CO3‎، و ‏KHCO3-‎، ومن ثم من ناحية ‏pH‎، ‏CO32-‎ و ثوابت الانحلال، فإنه يمكن تحصيل المعادلات للتركيز النسبي لـ ‏H2CO3‎، ‏\ce{HCO^-_3} و‏CO32-‎ كدالة من ‏pH‎، وهذا ما يمكن التعبير عنه بيانياً من خلال الشكل 3.5(أ).

لشكل 3.5أأ توزيع الأنواع الرئيسية لـ (أ) الكربون غير العضوي المذاب، و(ب) الفوسفور غير العضوي في المياه على حرارة 25 درجة مئوية.

إذا كانت ‏pH‎ أصغر، فإن ‎H2CO3‎ هي النوع الطاغي، وفي حال كانت ‏pH‎ أكبر فإن ‏CO32-‎ هي الطاغية، أما على امتداد النطاق الطبيعي لـ ‏pH‎ في المياه الجوفية (من 6 الى 9) فإن ‏\ce{HCO^-_3} هو النوع الكربوني الطاغي، ولذلك فإن ‏\ce{HCO^-_3} وليس ‏CO32-‎ أو ‎H2CO3‎ مدرجة في الجدول 3.3 كواحد من المكونات غير العضوية الأساسية المذابة في المياه الجوفية. باتّباع تحليل مشابه فإن التركيز النسبي لأنواع الفوسفات المذابة مُبيّنة في الرسم 3.5(ب). في نطاق ‏pH‎ الطبيعي في المياه الجوفية، فإن ‏H2PO4‎ و ‏HPO42-‎ هما النوعين الطاغين.

مركبات الأيون

تُظهر التحاليل الكيميائية للمكونات المذابة في المياه الجوفية مجموع التركيز لتلك المكونات، ولكنها لا تُظهر الشكل التي تتواجد فيه تلك المكونات في المياه. بعض المكونات تتواجد شبه كاملاً بالشكل البسيط للأيون. على سبيل المثال، فإن الكلورين يتواجد كـأيون كلورايد (‏OH‎)، ولكن الكالسيوم والماغنيسيوم يتواجدان بالشكل الأيوني الحر (‏Ca2+‎ و ‎Mg2+‎) في التجمعات الأيونية غير العضوية مثل الأنواع غير المشحونة (صفر تكافؤ)، ‏\ce{CaSO}^{\circ}_4، ‏CaCO3o‎، ‏\ce{MgSO^{\circ}_4}، و ‏MgCO3o‎، والتجمعات المشحونة ‏\ce{CaHCO^+_3}،  ‏MgHCO3+‎. هذه التجمعات المشحونة وغير المشحونة تُعرف بالمركبات أو في بعض الحالات كزوج أيوني. تتكون هذه المركبات نتيجة قوة التجاذب الكهربائي بين الأيونات ذات الشحنات المعاكسة. إن بعض الأنواع غير العضوية مثل الألمنيوم تتواجد بشكل مذاب كـ ‏Al3+‎، مركب إيجابي أو زوج أيوني، ‎[Al(OH)]2+‎، وكمركبات مع روابط تساهمية مثل ‎[Al2(OH)2]4+‎، ‎[Al6(OH15)]3+‎، و ‎[Al(OH)4]‎. إن مجموع التركيز الذائب للأنواع غير العضوية Ct يمكن التعبير عنها بـ:

(3.34)

إن وجود مركبات الأيون يمكن التعامل معها باستخدام قانون نشاط الكتلة. على سبيل المثال، إن تكوين  \ce{CaSO}^{\circ}_4 يمكن التعبير عنه،

\ce{Ca^{2+} + SO4^{2-} <=> CaSO^o_4} (3.35)

حيث أن علاقة التوازن،

K_{\ce{CaSO4^o}} = \ce{\frac{[Ca^{2+}][SO4^{2-}]}{[CaSO^o_4]}} (3.36)

حيث أن K\ce{CaSO}^{\circ}_4 هو ثابت التوازن الثيرموديناميكي، والمعروف أحياناً بثابت الانحلال، والعبارات بين الأقواس هي النشاط. إن قيَم التركيز للأيونات الحرة مرتبطة بالنشاط من خلال قوة الأيون مقابل علاقات معامل النشاط التي تم التطرق اليها في المقطع 3.2. إن معامل النشاط للمركّب المتعادل (غير المشحون)، \ce{CaSO}^{\circ}_4، هو واحد. إن قيَم K\ce{CaSO}^{\circ}_4 وثوابت التوازن للأزواج غير العضوية والمركّبات الأخرى يمكن احتسابها من خلال المعادلة 3.12.

الجدول 3.5 يُظهر نتائج التحليل الكيميائي للمياه الجوفية المعبّر عنه بكل من الميلغرام في الليتر (أو الغرام في المتر المكعب) والمولالية. إن تركيزات الأيونات الحرة ومركبات الأيون غير العضوية كان يتم احتسابها من خلال تركيزات التحاليل بالشكل الموصوف أدناه. في هذا المثال (الجدول 3.5)، إن المركبات الوحيدة التي تتواجد بتركيزات معتبرة هي تلك العائدة للكبريتات (18% من مجموع الكبريتات مركّبة). عندما تحتوي المياه الجوفية على تركيزات عالية من الكبريتات، فإن مركبات الكبريتات تعتبر ذات أهمية. إن الاجراء الذي تم من خلاله احتساب التركيزات لمركبات الأيون الحرة في الجدول 3.5 وصفها كل من Garrels & Christ (1965)‎وTruesdell & Jones (1974)‎.

الجدول 3.5 التحليل الكيميائي للمياه الجوفية، تم التعبير عنها كنتائج تحليلية وكأنواع مذابة محسوبة

  نتائج التحاليل من المختبر الأنواع المذابة المحسوبة
المكون المذاب ‎mg/ أوg/m3 المولالية × ‎10–3 تركيز الأيون الحر
(المولالية × ‎10–3)‎
‎SO42–
أزواج الأيون*
(المولالية × ‎10–3)‎
أزواج الأيون†
(المولالية × ‎10–3)‎
‎CO32–
أزواج الأيون‡
(المولالية × ‎10–3)‎
Ca 136 3.40 2.61 0.69 0.09 0.007
Mg 63 2.59 2.00 0.47 0.12 0.004
Na 325 14.13 14.0 0.07 0.06 0.001
K 9.0 0.23 0.23 0.003 0.0001> 0.0001>
Cl 40 1.0 1.0      
SO4 640 6.67 5.43      
HCO3 651 10.67 10.4      
CO3 0.12 0.020 0.0086      
DIC 147.5 12.29 يتم احتساب DIC من المعلومات حول ‎HCO3‎ وpH، ‎CO32-
‎pH = 7.20, Temp. = 10°C‎, الضغط الجزئي ‎CO2‎ (محسوب) = ‎3.04 × ‎10–2 بار

*SO42- مركبات=\ce{CaSO}^{\circ}_4,\ce{MgSO^{\circ}_4},\ce{NaSO^-_4},Na2SO4o,KSO4.
\ce{HCO^-_3} مركبات=Ca\ce{HCO^-_3},Mg\ce{HCO^-_3},NaHCO3o.
‡CO32- مركبات = \ce{CaCO^{\circ}_3}, MgCO3o, NaCO3.

إن المكوّنات غير العضوية في المياه الجوفية يمكنها أيضاً تكوين مركبات مذابة مع مركبات عضوية مثل حمض الفولفيك وحمض الهيوميك. في المياه الجوفية الطبيعية، والتي نادراً ما تحتوي كربون عضوي مذاب بتركيزات أكبر من 10 مليغرام/ليتر، فإن تركيب الأيونات الرئيسية مع المواد العضوية المذابة ربما تعتبر ضئيلة، ولكن في المياه الجوفية الملوثة، فإن حركة المركبات غير العضوية الخطيرة يمكن أن تكون مهماً جداً كحال المركبات العضوية.

إحتساب الأنواع المذابة

إن نتائج تحليل الكربون غير العضوي يمكن التعبير عنها بمجموع الكربون المذاب غير العضوي (DIC) أو كـ\ce{HCO^-_3}، وذلك بحسب طرق التحليل المستخدمة في المختبر. أي نوع من هذه المعلومات يمكن استخدامها بالاقتران مع قيَم الـ pH من أجل احتساب تركيزات الـ ‎H2CO3‎، ‏CO32-‎، \ce{HCO^-_3}، أو DIC، والضغط الجزئي لـ ‎CO2‎. المعادلات 3.18، 3.20، 3.31، 3.32 و3.33 يستفاد منها كأساس للحسابات. إذا كانت المياه غير مالحة، فإن نشاط ‏H2O‎ ومعادل النشاط لـ ‎CO2‎ و‏H2CO3‎ يمكن اعتبارها واحداً. لا بد من الالتفات الى أن المعادلات 3.18، 3.31، و3.32 يتم التعبير عنها بالنشاط، فيما المعادلات 3.20 و3.33 تتطلب استخدام المولالية. في حال كان تم تحليل تركيز \ce{HCO^-_3} وpH للمياه، فيمكن عندها استخدام المعادلة 3.31 مع المعادلة 3.5 للتحويل من التركيز الى النشاط، وذلك من أجل الحصول على نشاط وتركيز ‎H2CO3‎. إن استبدال نشاط ‎H2CO3‎ في معادلة 3.18 يؤدي الى الضغط الجزئي لـ ‎CO2‎ بالبار. نشاط ‏CO32-‎ يمكن احتسابه من المعادلة 3.32 ومن ثم تحويله الى تركيز من خلال المعادلة 3.5. استبدال قيمة التركيز في المعادلة 3.33 تعطي تركيز DIC. إن الدقة في النتيجة المحتسبة تعتمد بشكل قوي على الدقة في قياس pH. للحصول على معطيات موثوقة حول pH، فإنه من الضروري قياسها في الميدان. سيتم نقاش هذا الأمر أكثر في القسم 3.9.

في التوضيح التالي لطريقة احتساب تركيز المركبات والأيون الحرة، سيتم افتراض بأنه فقط تركيزات مركبات كاتيون الكبريتات تتواجد بتركيزات كبيرة. بناءً عليه، فإن علاقات التوازن محل الاهتمام هي:

K_{\ce{CaSO4^o}} = \ce{\frac{[Ca^{2+}][SO4^{2-}]}{[CaSO^o_4]}} (3.37)

K_{\ce{MgSO4^o}} = \ce{\frac{[Mg^{2+}][SO4^{2-}]}{[MgSO^o_4]}} (3.38)

K_{\ce{NaSO4^-}} = \ce{\frac{[Na^{2+}][SO4^{2-}]}{[NaSO^-_4]}} (3.39)

من خلال مبدأ المحافظة على الكتلة، يمكن أن نكتب:

Ca(كلي) = (Ca2+) + \ce{(CaSO^o_4)}(3.40)

Mg(كلي) = (Mg2+) + \ce{(MgSO^o_4)}(3.41)

Na(كلي) = (Na+) + \ce{(NaSO^-_4)}(3.42)

SO4(كلي) = \ce{(SO4^{2-}) + (CaSO^o_4) + (MgSO^o_4) + (NaSO^-_4)}(3.43)

إن تركيزات Ca(كلي)، Mg(كلي)، Na(كلي)، و  SO4(كلي) هي تلك التي يتم تحصيلها من تحليل المختبر. لذلك لدينا سبعة معادلات وسبعة مجهولات (‏Na+‎، ‎Mg2+‎، ‏Ca2+‎،‎SO42-‎،‏\ce{NaSO^-_4}، ‏\ce{MgSO^{\circ}_4} و ‏\ce{CaSO}^{\circ}_4). المعادلات يمكن حلها يدوياً من خلال استخدام طريقة التقريب المتتالي التي شرحها Garrels & Christ (1965)‎. إن التحويل بين النشاط والمولالية تتحقق باستخدام قوة الأيون مقابل علاقات معادل النشاط والتي تم تبيانها في نقاشات المعادلات 3.5 و 3.6. في العديد من الحالات فإن قوة الأيون المحتسبة من مجموع قيم التركيز يكون لديها دقة مقبولة، ولكن في المحلولات المالحة يجب تعديل قوة الأيون لأخذ تأثير المركبات بالاعتبار.

إن عملية احتساب تركيزات الأيونات الحرة والمركبات يمكن أن تكون عملية صعبة وتحتاج لوقت، وتحديداً عندما يتم تضمين كل مركبات الكبريتات والبيكربونات والكربونات في الحسابات. في السنوات الأخيرة أصبح شائعاً استخدام الحواسيب لإتمام الحسابات، ويوجد العديد من برامج الحاسوب الموثّقة وشائعة الاستخدام لهذه الغاية. اثنان من تلك البرامج هي من اعداد Truesdell & Jones (1974)‎، والذي تم استخدامه لتحصيل النتائج الواردة في الجدول 3.5، و Kharaka & Barnes (1973)‎. إن التعامل مع المعلومات حول المياه الجوفية من خلال استخدام برامج من هذا النوع تصبح مع الوقت إجراءً أساسياً في الحالات التي يُرجى فيها تفسير التحاليل الكيميائية في إطار جيوكيميائي.

3.4 تأثير تدرجات التركيز

يُعرّف الانتشار في المحلولات بأنه عملية تتحرك فيها المكونات الأيونية أو الجزيئية تحت تأثير النشاط الحركي باتجاه تدرج التركيز. يحدث الانتشار في غياب أي حركة هيدروليكية ضخمة للمحلول. إذا كان المحلول جارياً فإن الانتشار هو آلية، بالاقتران مع التشتت الميكانيكي، تؤدي الى خلط المكونات الأيونية والجزيئية. يتوقف الانتشار فقط عند انعدام وجود تدرجات التركيز. إن عملية الانتشار يتم عادة الإشارة اليها بـ “الانتشار الذاتي”، “الانتشار الجزيئي”، أو “الانتشار الأيوني”.

إن كتلة المادة المنتشرة والتي تعبر مقطع محدد في وقت معين هي متناسبة مع تدرج التركيز، وهذا ما يُعرف بـ “قانون فيك الأول”، والذي يمكن التعبير عنه،

F = -D\frac{dC}{dx} (3.44)

حيث أن F، والتي هي تدفق الكتلة، هي كتلة المذاب في مساحة معينة في وقت محدد [M/L2T]، هي معادل الانتشار [L2/T]، في تركيز المذاب [M/L3]، وdC/dx هي تدرج التركيز، والتي تكون كميتها سالبة في اتجاه الانتشار. إن معادلات الانتشار للشوارد في المحاليل المائية معروفة. إن الأيونات الرئيسية في المياه الجوفية (‏Na+‎ ‏K+‎, ‎Mg2+‎, ‏Ca2+‎, ‎Cl‎, \ce{HCO^-_3}, ‎SO42-‎) لديها معادلات الانتشار في النطاق ما بين ‎1×10-9‎ و ‎2×10-9‎ m2/s على حرارة 25 درجة مئوية ‎(Robinson & Stokes, 1965)‎. إن هذه المعادلات متعلقة بالحرارة، فعلى سبيل المثال، إن المعادلات هي تقريباً أصغر بـ 50% على حرارة 5 درجات مئوية. إن تأثير قوة الأيون صغيرة جداً.

إن معادلات الانتشار الظاهرة لهذه الأيونات هي أصغر بكثير في الوسط المسامي منه في المياه لأن الأيونات تسلك مسارات انتشار أطول نتيجة وجود حبيبات في النسيج الصلب ونتيجة الامتزاز (الامتصاص الكيميائي) على الأجسام الصلبة. إن معادل الانتشار الظاهري للأنواع غير الممتصّة في الوسط المسامي،D*، ممثلة بالعلاقة التالية:

D* = ωD (3.45)

حيث أن ω، التي هي أقل من 1، هو معادل تجريبي الذي يأخذ بالاعتبار تأثير الحالة الصلبة للوسط المسامي على الانتشار. في دراسات المختبر لانتشار الأيونات غير الممتصّة في المواد الجيولوجية المسامية، إن قيَم ω التي عادة ما يتم ملاحظتها هي بين حوالي 0.5 و 0.01.

بحسب قانون فيك الأول ومعادلة الاستمرارية، فإنه من الممكن اشتقاق المعادلة التفاضلية التي تربط تركيز المادة المنتشرة بالزمان والمكان. في بعد واحد، فإن هذا التعبير والذي يُعرف بـ "قانون فيك الثاني"، هو،

\frac{\partial C}{\partial t} = D^* \frac{\partial^2C}{\partial x^2} (3.46)

لتحصيل مؤشر حول معدلات انتشار المذاب في المواد الجيولوجية المسامية، سنأخذ حالة افتراضية حيث يوجد طبقتين متلاصقتين وتحتوي كل واحدة منهما على تركيزات مذاب مختلفة. سيتم الافتراض بأن الطبقات مشبعة بالمياه وبأن التدرجات الهيدروليكية في هذه الطبقات معدمة. في وقت ابتدائي محدد، أحد الطبقات لديها أنواع مذاب i على تركيز Co. في الطبقة الثانية فإن التركيز الابتدائي لـ C يُعتبر صغيراً كفاية بما يسمح بتقدير قيمته بصفر. نتيجة تدرج التركيز خلال الحدود، فإن المذاب سوف ينتشر من الطبقة ذات التركيز الأعلى الى الطبقة ذات التركيز الأدنى. سوف يتم أيضاً الافتراض بأن تركيز المذاب في الطبقة ذات التركيز الأعلى يبقى ثابتاً مع الوقت، كما هو الحال إذا حافظ المذاب على تركيزه بالتوازن مع انحلال المعادن.  إن قيمة C في اتجاه x بوقت t يمكن احتسابه من خلال العلاقة ‎(Crank, 1956)‎،

C_i(x,t) = C_0 \text{erfc}(x/2\sqrt{D^*t}) (3.47)

حيث أن erfc هو دالة الخطأ التكميلية (الملحق رقم 5). إذا افترضنا قيمة 5×10-10 m2/s لـ D*، فإنه بالإمكان احتساب بروفايل تركيز المذاب ضمن نطاق وقت محدد. على سبيل المثال، إذا أخذنا تركيز نسبي C/Co قيمته 0.1 و10 أمتار لمسافة x، فإن المعادلة 3.47 تُشير الى وقت الانتشار سيكون حوالي 500 سنة. لذلك فإنه من الواضح بأن الانتشار هو عملية بطيئة نسبياً. في الحزام حيث تجري المياه الجوفية بفعالية فإن تأثيرها يحجبه عادة التأثير الكبير لحركة المياه. في الترسبات ذات النفاذية المتدنية مثل الطين أو الطَفَل الصَفحي حيث تكون سرعة المياه الجوفية متدنية، فإن الانتشار ضمن أوقات جيولوجية محددة يمكن أن يكون له تأثير كبير على التوزع الجغرافي للمكونات المذابة، وهذه النقطة سيتم مناقشتها أكثر في المقاطع 7.8 و 9.2.

لقد أظهرت التحقيقات في المختبر بأن الطين المضغوط يمكن أن يخدم كأغشية شبه نافذة ‎(Hanshaw, 1962)‎. إن الأغشية شبه النافذة تمنع مرور الأيونات فيما تسمح نسبياً لمرور أنواع متعادلة الشحنة. إذا كانت مياه المسام على جانبي طبقة الطين المضغوطة لديها تركيزات متفاوتة في الأيونات فإن التركيز في المياه في تلك الطبقات يجب أن يكون أيضاً مختلفاً. لأن جزيئات المياه كأنواع غير مشحونة يمكنها الجريان من خلال الأغشية شبه النافذة، فإنه في ظل تدرج هيدروليكي ضئيل عبر الأغشية يمكن للمياه أن تتحرك من خلال الانتشار من منطقة نطاق تركيز مياهها عالي (أي نطاق ملوحة أقل) الى منطقة نطاق تركيز مياهها متدني (أي نطاق ملوحة أعلى). إذا كانت منطقة الملوحة الأعلى نظاماً مغلقاً، فإن حركة المياه اليها عبر الطين من خلال عملية الانتشار سيؤدي الى ارتفاع الضغط هناك. إذا كانت منطقة الملوحة الأدنى هي نظاماً مغلقاً فإن ضغط سوائلها سوف يتدنى. إن هذه العملية لنشوء فارق في الضغط عبر الطين يُعرف بـ “الأسموزية”. إن “ضغط التوازن الأسموزي” عبر الطين هو فارق الضغط الذي ينشأ عندما يوازن انتشار المياه فارق الضغط. عندما يحصل هذا الشيء فإن رحيل المياه عبر الطين يتوقف. بحسب تجارب المختبر فإن الضغط الأسموزي من خلال الأغشية شبه النافذة التي تفصل المحلولات من تركيزات مختلفة يمكن قياسها من خلال تطبيق فارق ضغط يكفي لمنع انتشار المياه. في الأحواض الرسوبية فإن الأسموزية يمكن أن تحدث فوارق كبيرة في الضغط عبر الطبقات الطينية حتى لو لم يتم الوصول الى ضغط التوازن الأسموزي.

هناك العديد من المعادلات للتعبير عن العلاقة بين فارق الضغط الأسموزي والفارق في تركيز المحلول عبر الأغشية شبه النافذة. إحدى هذه المعادلات، والتي يمكن اشتقاقها من حجج الثيرموديناميكية ‎(Babcock, 1963)‎، هي

P_0 = \frac{RT}{\bar{V}_{\ce{H2O}}} \text{ln} \left( \ce{\frac{[H2O]^I}{[H2O]^{II}}} \right) (3.48)

حيث أن P0 هي فارق الضغط الهيدروستاتيكي الناتج عن الأسموزية، R هو ثابت الغاز ‎(0.018liter.bar/K.mol)‎، T هي درجات الكلفن،  هي الحجم المولي للمياه النقية (‎0.018 l/mol‎ على حرارة 25 درجة مئوية)، و ‎[H2O]‎I و ‎[H2O]‎II هي نشاطات المياه في المحلول الأكثر ملوحة والمحلول الأقل ملوحة، على التوالي. إن قيَم نشاط المياه في مختلف المحاليل المالحة عرضها Robinson & Stokes (1965)‎. من خلال المعادلة 3.48يظهر بأن اختلاف الملوحة والتي هي بالأمر الشائع في الأحواض الرسوبية يمكن أن تؤدي الى ضغط أسموزي كبير في حال كان هناك طبقات طين أو سجيل زيتي مضغوطة تفصل مناطق الملوحة. على سبيل المثال، إذا كان يوجد طبقتي مياه جوفية من الحجر الرملي، I و II، ويفصلهما طبقة من الطين المضغوط. إذا كانت المياه في كلا الطبقتين لديها تركيز عالي من NaCl، واحدة 6% NaCl والأخرى 12% NaCl، فإن نسبة نشاط ‏H2O‎ ستكون 0.95، والتي إذا ما تم استبدالها في المعادلة 3.48 تُعطي فارق بالضغط الأسموزي حوالي 68 بار ما بين الطبقتين، وهذا يوازي 694 متر من الرأس الهيدروستاتيكي (والمعبّر عنه من ناحية المياه النقيّة). إن هذا بالتأكيد هو فارق ملفت في الرأس الهيدروليكي في أي حوض رسوبي. ولكن حتى يكون هناك فروقات كبيرة في الضغط الأسموزي، لا بد للشروط الهيدروستراتيغرافيكية (أي المتعلقة بالطبقات) أن تكون بشكل أن الضغط الأسموزي يتكون بشكل أسرع من الضغط الذي يتبدد بجريان السائل من منطقة الضغط الأعلى، ومن خلال الجريان الى منطقة الضغط الأدنى.

3.5 تحلّل المعادن وذوبانها

الذوبان وثابت التوازن

عند ملامسة المياه للمعادن، يبدأ ذوبان المعادن ويستمر حتى الوصول الى تركيزات التوازن في المياه أو حتى استهلاك كل المعادن. إن “ذوبان” أي معدن يُعرّف بوزن المعدن التي ستذوب في حجم معين من المحلول تحت ظروف معينة. إن ذوبان المعادن التي يمكن للمياه الجوفية ملاقاتها أثناء الجريان يختلف بشكل كبير، لذلك وبحسب نوع المعادن التي ستلتقي بها المياه خلال تاريخ جريانها، فإن المياه الجوفية يمكن أن تحمل مواد صلبة مذابة أقل بقليل من مياه الأمطار، أو يمكن أن تكون أكثر ملوحة بأضعاف من مياه البحر.

إن الجدول 3.6 يشير الى "ذوبان" العديد من المعادن الرسوبية في مياه صافية على حرارة 25 درجة مئوية وضغط 1 بار. إن هذا الجدول يعرض أيضاً تفاعلات الذوبان لتلك المعادن وثوابت التوازن للتفاعلات على حرارة 25 درجة مئوية و 1 بار. إن ذوبان الكالسيت والدولوميت على ضغطين جزئيين مختلفين (‎10-3‎بار و ‎10-1‎ بار) تم عرضها في الجدول 3.6 كمؤشر لنطاق القِيَم المتناسبة مع المياه الجوفية الطبيعية.

الجدول 3.6 تفاعلات التفكك، ثوابت التوازن، والذوبان لبعض المعادن التي تذوب بشكل متطابق في مياه على حرارة 25 درجة مئوية و 1 بار كضغط اجمالي

إن مقارنة ذوبان المعادن وثوابت التوازن يؤشر الى أن الأحجام النسبية لثابت التوازن هي مؤشر ضعيف للذوبان النسبي للمعادن، ففي تفاعلات التوازن نشاطات الأيونات أو الجزيئات يتم ترقيتها الى أسّ (power) عدد المولات في تعبير التفكك المتوازن. على سبيل المثال، إن ذوبان الكالسيت في المياه الصافية على PCO2 = 10-1 بار هو 500 مليغرام/ليتر، وذوبان الدولوميت تحت نفس الظروف هو تقريباً نفسه (480مليغرام/ليتر)، ولكن ثوابت التوازن تختلف بثمانية قيَم أسّية لأن‎[CO32-]‎  مرفوعة الى أسّي 2 في تعبير الـ Kdol. مثال آخر هو هيدروكسيل ابتيت، والتي لها ذوبان 30 مليغرام/ليتر على pH 7 ومع ذلك لديها ثابت توازن 10-55.6، وهي قيمة يمكن أن تعطي انطباعاً خاطئاً بأن هذا المعدن ليس لديه ذوبان يعتد به.

إن كل المعادن المدونة في الجدول 3.6 تذوب بالعادة بشكل "مطابق"، وهذا يعني بأن منتجات تفاعل ذوبان المعدن كلها مكونات مذابة. إن الكثير من المعادن التي تؤثر على النمو الكيميائي للمياه الجوفية يذوب بشكل غير مطابق، أي أن واحد أو أكثر من منتجات الذوبان تكون معادن أو مواد صلبة لابلّورية. إن معظم معادن سليكيت الألمنيوم تذوب بشكل غير مطابق. إن الفلسبار والألبيت هما من الأمثلة الجيدة،

(3.49)

في هذا التفاعل فإن الألبيت يذوب تحت تأثير عملية الرشح من حمض الكربونيك ‎(H2CO3)‎ لإنتاج المنتجات المذابة والمعدن الطيني كاولينيت، وهذا تفاعل شائع حيث تتواجد المياه الجوفية في الصخور الجرانيتية. إستناداً الى قانون الكتلة،

K_{\text{alb-kaol}} = \ce{\frac{[Na+][HCO^-_3][H4SiO4]^2}{[H2CO3]}} (3.50)

حيث أن ثابت التوازن K يعتمد على الحرارة والضغط. في حال تحديد الضغط الجزئي لـ ‎CO2‎، فإنه من الواضح من المعادلات 3.18، 3.31 و3.32 بأن [\ce{HCO^-_3}] و [‏H2CO3‎] هما كذلك محددين. إن ذوبان الألبيت وكاتأيونات سليكات الألمنيوم تتزايد مع زيادة الضغط الجزئي لـ ‎CO2‎.

تأثير قوة الأيون

إن مقارنة ذوبان المعادن في المياه الصافية مقابل المياه ذات الملوحة العالية يؤشر الى أن الملوحة تزيد الذوبان، ويُعرف ذلك بـ “تأثير قوة الأيون”، لأن زيادة الذوبان هي نتيجة تدني معامل النشاط نتيجة تزايد قوة الأيون. على سبيل المثال، فإن التعبير لثابت التوازن للجيبس يمكن كتابته على الشكل التالي:

K_{\text{gyp}} = [\gamma_{\ce{Ca^{2+}}} \cdot \gamma_{\ce{SO4^{2-}}}] [\ce{(Ca^{2+})(SO4^{2-})}] (3.51)

حيث أن γ هي معامل النشاط والمكونات بين الأقواس يتم التعبير عنها بالمولالية. إن الرسم 3.3 يؤشر الى أنه كلما تزايدت قوة الأيون، تتدنى قيمة ‎γCa2+‎ و ‎γSO42-‎. للتعويض، في معادلة 3.51، فإن تركيز الـ ‏Ca2+‎ والـ  ‎SO42-‎ يجب أن يزيد. وهذا ينتج عنه ذوبان أعلى للمعدن تحت ظروف حرارة وضغط معينين. إن هذا التأثير مبين في الرسم 3.6، والذي يُظهر بأن ذوبان الجيبس تضاعف أكثر من ثلاث مرات نتيجة تأثير قوة الأيون. هناك أمثلة أخرى، تم شرحها في الفصل السابع، تؤشر الى أن تأثير قوة الأيون يمكن أن تلعب دوراً هاماً في النمو الكيميائي للمياه الجوفية الطبيعية والملوثة.

الشكل 3.6ذوبان الجيبس في المحلولات المائية التي تتمتع بتركيزات NaCl مختلفة، على 25 درجة مئوية و 1 بار (بعد ‎(Shternina, 1960)‎.

النظام الكربوني

هناك تقدير بأن 99% من كربون الأرض موجود في المعادن الكربونية، وأهمها الكالسيت، ‎CaCO3‎، والدولوميت ‎CaMg(CO3)2‎. في كل التضاريس الرسوبية تقريباً وفي العديد من الأماكن حيث الصخور النارية والمتحولة، فإن المياه الجوفية على اتصال مع المعادن الكربونية خلال جزء – بالحد الأدنى – من جريانها. إن قدرة منطقة المياه الجوفية على التقليل من الآثار السلبية للعديد من أنواع الملوثات تعتمد على التفاعلات التي تنطوي على المياه والمعادن الكربونية، وتحديد عمر المياه الجوفية استناداً على الكربون14 يحتاج الى فهم حول كيفية تفاعل المياه مع تلك المعادن.

في حالة التوازن، فإن التفاعلات بين المياه والمعادن الكربونية الكالسيت والدولوميت يمكن التعبير عنها بالتالي:

K_{\text{cal}} = \ce{[Ca^{2+}][CO3^{2-}]} (3.52)

K_{\text{dol}} = \ce{[Ca^{2+}][Mg^{2+}][CO3^{2-}]^2} (3.53)

حيث أن ثوابت التوازن تعتمد على الحرارة والضغط.

عند ذوبان المعادن في مياه لديها كمية كبيرة من غاز ‎CO2‎ على ضغط جزئي ثابت، فإن تركيز الـ ‎CO2‎المذاب (والمعبّر عنه بحمض الكربونيك، ‎H2CO3‎) يبقى ثابتاً، كما هو مُبيّن في المعادلة 3.18. من المفيد عرض عملية ذوبان الكالسيت كالتالي:

\ce{CaCO3 + H2CO3 -> Ca^{2+} + 2HCO^-_3} (3.54)

والتي تؤشر الى أن الذوبان مصحوب مع استهلاك حمض الكربونيك. كلما زاد PCO2، فإن كمية  ‏H2CO3‎ المتاحة للاستهلاك تكون أكبر، وبالتالي فإن التفاعل يسير أكثر الى اليمين لتحقيق التوازن.

النظام المائي الذي يكون فيه الـ  CO2 المذاب ثابتاً نتيجة تفاعل – نسبي – دون عوائق مع بيئة يغلب عليها الطابق الغازي وتتمتع بـ PCO2 ثابت، مثل الغلاف الجوي للأرض، يتم الإشارة اليها في سياق ذوبان المعادن بــ “النظام المفتوح”. إذا كان حمض الكربونيك المستهلك بتفاعلات المياه والمعادن غير متجدد من خزان غازي، فإن النظام يشار اليه بـ “النظام المغلق”.

إن استبدال المعادلات 3.18، 3.31 و 3.32 بالمعادلة 3.52، وإعادة ترتيبها يُعطي،

\ce{[H+]} = \left\{ \frac{K_{\ce{H2CO3}} \cdot K_{\ce{HCO^-_3}} \cdot K_{\ce{CO2}}}{K_{\text{cal}}} \cdot P_{\ce{CO2}} [\ce{Ca^{2+}}] \right\}^{1/2} (3.55)

إن القيَم داخل الأقواص هي نشاطات فيما PCO2 يتم التعبير عنها بـ البار. إن قيَم ثوابت التوازن في النطاق 0 الى 30 درجة مئوية تم عرضها في الجدول 3.7. على 25 درجة مئوية، المعادلة 3.55 تُصبح:

\ce{[H+]} = 10^{-4.9} \{[\ce{Ca^{2+}}]P_{\ce{CO2}} \}^{1/2} (3.56)

الجدول 3.7 ثوابت التوازن للكالسيت، الدولوميت، والمكونات المائية الكربونية الأساسية في المياه الصافية، 0-30 درجة مئوية، و1 بار ضغط اجمالي

‎*pK = –log K.‎
المصدر:Garrels & Christ, 1965; Langmuir, 1971

لاحتساب ذوبان الكالسيت تحت الضغط الجزئي لـ PCO2، فإنه يوجد حاجة لمعادلة ثانية. في هذه المرحلة وفي هذا النوع من مسائل توازن المياه والمعادن، فإنه من المناسب استخدام معادلة الحياد الالكتروني. بالنسبة لحالة ذوبان الكالسيت في المياه الصافية، فإن تعبير الحياد الالكتروني هو:

\ce{2(Ca^{2+}) + (H+) = (HCO^-_3) + 2(CO3^{2-}) + (OH-)} (3.57)

إن أجزاء هذه المعادلة يتم التعبير عنها بالمولالية. فيما خص مجال اهتمام PCO2 في دراسات المياه الجوفية، فإن ‎H+‎ و ‏OH‎ يعتبران ضئيلان مقارنة مع المكونات الأخرى في هذه المعادلة. المعادلات 3.56 و 3.57 يمكن ضمها، ومع استبدال المعادلات 3.18، 3.31 و 3.32 فيمكن التعبير عنها بعبارة جبرية متعددة الحدود مؤلفة من اثنين من المتغيرات ومعادلات النشاط. فيما خص PCO2 محددة، فإنه يمكن الحصول على حلول من خلال استخدام الطريقة التكرارية على الحاسوب. إن الحلول اليدوية يمكن أيضاً الحصول عليها مع قليل من الصعوبات من خلال استخدام طريقة التقريب المتعاقب والتي أوجزها ‎Garrels & Christ (1965)‎ و ‎Guenther (1975)‎. كتقدير أولي، فإن افتراض أن \ce{HCO^-_3} هي كبيرة بالمقارنة مع  ‎CO32-‎ هي مقاربة مناسبة. إن الرسم 3.5(أ) يؤشر الى أن هذا الافتراض صالح للحلول حيث تكون قيمة pH أقل من حوالي 9، وهذا يتضمن تقريباً كل المياه الطبيعية، شرط أن تركيزات الكاتيون التي تعقد مع  ‎CO32-‎ هي قليلة. وعلى هذا الأساس فإن المعادلة 3.57 تتقلص الى:

\ce{(Ca^{2+}) = \frac{(HCO^-_3)}{2}} (3.58)

بعد أن تذوب الكالسيت الى مستوى التوازن على PCO2 محددة، فإنه بالإمكان الآن الحصول على المكونات المذابة من خلال الخطوات التالية: (1) تعيين قيمة اعتباطية لـ [H‎+‎] في معادلة 3.55، وبعدها احتساب قيمة لـ ‎[Ca‎2+]‎، ‏(2)‎ تقدير قيمة قوة الأيون من خلال استخدام ‎[Ca‎2+]‎ التي تم تحصيلها في الخطوة الأولى وقيمة \ce{HCO^-_3}التي تم تحصيلها من المعادلة 3.58، (3) الحصول على تقدير لـ γCa‎2+‎ و \gamma\ce{HCO^-_3} استناداً الى الشكل 3.3 ومن ثم احتساب ‎(Ca2+)‎ من العلاق (\ce{Ca^2+})=[\ce{Ca^2+}]/\gamma_{\ce{Ca^2+}}، ‏(4)‎ مستخدماً PCO2 المحددة و[H‎+‎] المختارة في الخطوة (1) احتسب [\ce{HCO^-_3}] من المعادلات 3.18 و 3.31، (5) حوّل  [\ce{HCO^-_3}] الى (\ce{HCO^-_3}) من خلال علاقة معادل النشاط، و(6) قارن قيمة ‎(Ca2+)‎ المحصّلة من الخطوة (1) مع قيمة (\ce{HCO^-_3})/2 المحتسبة من الخطوة (5). إذا كانت القيَم المحتسبة للاثنين متساوية أو تقريباً متساوية، فإن المعادلة 3.57 تكون تحققت وتم حل المسألة. في حال عدم تساويهما، فإنه لا بد من إعادة سلسلة الخطوات الحسابية من خلال اختيار جديد لـ [H‎+‎]. في هذه الخطوات من المسألة يمكن الحصول على حل مقبول بعد التكرار لمرتين أو ثلاثة. إن نتائج هذا النوع من الحسابات لذوبان الكالسيت المتوازن في المياه الصافية تحت مختلف ظروف الحرارة و PCO2 الثابتة تم توضيحها في الشكل 3.7، والتي تؤشر الى أن الذوبان يعتمد بقوة على PCO2، وأن قيَم التوازن لـ [H‎+‎] أو pHتختلف بقوة مع اختلاف PCO2. إن آلية الاحتساب لا تتضمن أزواج الأيون مثل CaCO3o و CaHCO3+‎، والتي تتواجد بتركيزات صغيرة في المحلولات المائية المخففة والمشبعة بـ CaCO3. بحسب الشكل 3.7 فإنه يظاهر بأن خطوط تركيز Ca‎2+‎ و\ce{HCO^-_3}  هي موازية (بعيدة 0.30 وحدات فقط). وهذا يعني أن التفاعل في المعادلة 3.54يمثّل بدقة عملية الذوبان تحت نطاق ظروف PCO2 التي تميّز بيئة المياه الجوفية، حيث أن PCO2 هي بالإجمال أكبر من ‎10-4‎ بار بشكل ثابت.

الشكل 3.7 المكونات المذابة في المياه والمتوازنة مع الكالسيت نسبة الى ذوبان النظام المفتوح بـ PCO2 (بعد Guenther, 1975).

هذا يُفسّر لماذا \ce{HCO^-_3} وليس ‎CO32-‎ هي المكوّن الأيوني الشائع للمكونات الكربونية غير العضوية المذابة في المياه الجوفية.

في حال تم تغذية المياه بـ ‎CO2‎، والذي يمكن أن يحدث نتيجة الاتصال بالغلاف الجوي للأرض أو مع الهواء الموجود في منطقة التربة، ولاحقاً تأتي الى الالتصاق مع الكالسيت والدولوميت في منطقة معزولة عن مصدر ‎CO2‎ الغازي، مثل منطقة المياه الجوفية، فإن الذوبان سوف يحدث ولكن تركيز المكونات المذابة عند حالة التوازن يكون مختلفاً. في هذه الحالة من ذوبان النظام المغلق، فإن حمض الكربونيك يتم استهلاكه ولا يتم تجديده من خارج النظام أثناء استمرار عملية الذوبان. في هذه الحالة فإن المعادلة 3.18 تؤشر الى أن PCO2 يجب أن تتلاشى أيضاً في الوقت الذي يسير فيه التفاعل باتجاه التوازن.

إن المعادن الكربونية هي أقل ذوباناً تحت ظروف النظام المغلق، وقيَم الـ pH لديها أعلى عند حد التوازن. في حالة النظام المغلق، فإن الكربون غير العضوي المذاب يُشتق من ‎CO2‎ المذاب والذي يتواجد عند بدء عملية الذوبان، ومن الكالسيت و/أو الدولوميت الذي يذوب. في حالة النظام المفتوح، فإن ‎CO2‎ يستمر في الدخول الى المحلول من الغلاف الجوي أثناء استمرار عملية الذوبان. في هذه الحالة فإن مجموع الكربون غير العضوي المذاب يتألف من كربون من الـ ‎CO2‎ الأول ومن الـ ‎CO2‎ المتجدد وأيضاً من المعادن. كما هو مبين في الفصل السابع، فإن هذه الفروقات يمكن أن تكون أساسية في تفسير نمو المياه الجوفية في البيئة الكربونية وفي تقييم تواريخ عمر الكربون14 (Carbon 14).

تأثير الأيون المشترك

في بعض الحالات فإن زيادة الأيونات من خلال ذوبان أحد المعادن يمكن أن يؤثر على ذوبان معدن آخر بشكل أكبر من تأثير التغيّر في معادلات النشاط. في حال أضفنا كهرل لا يحتوي على ‏Ca2+‎ أو ‎CO32-‎ الى محلول مائي مشبع بالكالسيت، فإن ذوبان الكالسيت سوف يزيد بسبب تأثير قوة الأيون. في المقابل، إذا أضفنا كهرل يحتوي على ‏Ca2+‎ أو ‎CO32-‎، فإن الكالسيت سوف يترسّب لأن الناتج  ‎[Ca2+][CO32-]‎ لا بد وأن يُعدّل لتحقيق قيمة تساوي ثابت التوازن Kcal. إن هذه العملية تُسمّى “تأثير الأيون المشترك”.

إن المياه التي تجري في منطقة مياه جوفية تحتوي كمية كافية من ‏Ca2+‎ و ‎CO32-‎ لأجل أن يكون ناتج النشاط مساوياً لـ Kcal، يمكن أن تواجه طبقات تحتوي على الجيبس. ذوبان الجيبس،

\ce{CaSO4} \cdot 2\ce{H2O -> Ca^{2+} + SO4^{2-} + 2H2O} (3.59)

يجعل قوة الأيون تتزايد وتركيز الـ ‏Ca2+‎ يرتفع. إن تعبير التوازن للكالسيت والذي يُعبّر عنه بالمولالية ومعادلات النشاط هو،إن ذوبان الجيبس يؤدي الى تدني ناتج معامل النشاط ، ولكن نتيجة مساهمة ‎(Ca2+)‎ من الجيبس المذاب، فإن ناتج ‎(Ca2+)(CO32-)‎ يتزايد بكمية أكبر بكثير. لذلك، وحتى يبقى المحلول في حالة التوازن بالنسبة للكالسيت، لا بد أن يحدث الترسّب.

إن ذوبان الكالسيت والجيبس في المياه على تركيزات NaCl مختلفة مبيّنة في الشكل 3.8. فيما خص محتوى NaCl محدد، فإن وجود كل معدن، كالسيت أو جيبس، يؤدي الى تدني في ذوبان المعدن الآخر. نتيجة تأثير قوة الأيون، فإن كِلاَ المعدنين يزيد ذوبانه على تركيزات NaCl أعلى.

الشكل 3.8 ذوبان الجيبس والكالسيت في مياه مختلفة التركيزات من NaCl المذاب، 25 درجة مئوية، PCO2 = 1 بار (بعد Shternina & Frolova, 1945).

إختلال التوازن ومؤشر التشبّع

إذا ما أخذنا المعادلة 3.2 في وضعية إختلال التوازن، فإن العلاقة بين المواد المتفاعلة والمواد المنتجة يمكن التعبير عنها بـ

Q = \frac{[B]^b[C]^c}{[D]^d[E]^e} (3.60)

حيث أن Q هو ناتج قسمة التفاعل، والمعلمات الأخرى هي كما تم التعبير عنها في المعادلة 3.3. إن النسبة التالية هي مقارنة مفيدة بين حالة تفاعل الذوبان-الترسّب لمعدن محدد في نقطة محددة في الزمان والمكان وحالة توازن الثيرموديناميكية:

S_i = \frac{Q}{K_{\text{eq}}} (3.61)

حيث أن Si تُسمّى “مؤشر التشبّع”. بالنسبة للكالسيت الذي على تماس مع المياه الجوفية (انظر المقطع 3.2)، فإن مؤشر التشبّع هو:

S_i = \frac{\ce{[Ca^{2+}][CO3^{2-}]}}{K_{\text{cal}}} (3.62)

إن نشاطات الأيون في البسط يمكن الحصول عليها من تحليل عينات المياه الجوفية والمعادلة 3.32، وثابت التوازن Kcal  يمكن الحصول عليه من بيانات الطاقة الحرّة، أو مباشرة من جداول ثابت التوازن، على سبيل المثال الجدول 3.7.

إذا كان Si > 1، فإن المياه تحتوي على فائض في المكونات الأيونية. لذلك فإن التفاعل (المعادلة 3.4) يجب أن يسير الى اليسار، وهو ما يتطلب ترسّب المعدن. إذا كان Si < 1، فإن التفاعل يسير الى اليمين خلال ذوبان المعدن. في حال Si = 1، فإن التفاعل يكون بحالة توازن، ما يعني بأنه مشّبع بالنسبة للمعدن محل السؤال. استناداً الى علاقة مؤشر التشبّع، فإنه من الممكن لتفاعلات معدن-مياه محددة أن تقارن حالة عينات المياه الواقعية مع ظروف التوازن المحتسبة. حتى يكون مؤشر التشبّع محل اهتمام فإن المعدن يحتاج أن لا يكون واقعاً موجوداً في منطقة المياه الجوفية. ولكن الإحاطة بالتركيبة المعدنية أمر أساسي إذا كان هناك حاجة لفهم تفصيلي للسلوك الجيوكيميائي والظروف المحيطة المياه.

إن بعض المؤلفين يُعبّرون عن مؤشر التشبّع بشكل لوغاريثمي، وفي هذه الحالة فإن مؤشر صفر يدل على حالة توازن. إن مؤشر التشبّع في بعض المنشورات يعني مؤشر إختلال التوازن لأنه في بعض الحالات فإن المياه الجوفية هي بشكل عام أقرب الى حالة إختلال التوازن منه الى حالة التوازن فيما خص المعادن الشائعة.

3.6 عمليات الأكسدة والاختزال

حالات الأكسدة وتفاعلات الاختزال

إن العديد من التفاعلات التي تحدث في بيئة المياه الجوفية تشمل تحوّل الكترونات بين المكونات المذابة الغازية والصلبة. نتيجة تحوّل الالكترون فإن هناك تغييرات في حالة الأكسدة للمتفاعلات والمنتجات. إن “حالة الأكسدة”، وأحياناً تُسمّى “رقم الأكسدة”، تُمثّل شحنة افتراضية تكون عليها الذرّة في حال تفكك الأيون أو الجُزيّء. يعرض الجدول 3.8 حالات الأكسدة التي يمكن تحقيقها من خلال معظم العناصر المهمة متعددة حالات الأكسدة التي تتواجد في المياه الجوفية، كما يعرض بعض القواعد التي يمكن استخدامها لاستنتاج حالة الأكسدة من معادلة أي مادة. أحياناً يوجد عدم يقين في تعيين الالكترونات المفقودة أو المكتسبة من قبل ذرّة محددة، وتحديداً عندما تشمل التفاعلات روابط تساهمية. يستخدم هذا الكتاب الأرقام الرومانية لتمثيل حالات الأكسدة، فيما يستخدم الأرقام العربية لتحديد التكافؤ الحقيقي.

الجدول 3.8 قواعد تعيين حالات الأكسدة مع بعض الأمثلة

قواعد تعيين حالات الأكسدة

  1. إن حالة الأكسدة للعناصر الحرّة أكانت بشكلها الذرّي أم الجزيئي هي صفر.
  2. إن حالة الأكسدة لعنصر بشكله الأيوني البسيط يساوي الشحنة على الأيون.
  3. إن حالة الأكسدة للأوكسيجين في المركبات التي تحتوي أوكسيجين تساوي -2. الاستثناءات الوحيدة هيO2 وO3(انظر القاعدة رقم 1)، OF2 (حيث أنها +2)، والبروكسيد مثل H2O2 ومركبات أخرى ذات روابط -O-O- حيث أن حالة الأكسدة تكون -1.
  4. إن حالة الأكسدة للهيدروجين هي +1 باستثناء H2 وفي المركبات حيث تكون H متحدة مع عنصر أقل كهرسلبية.
  5. إن مجموع حالات الأكسدة هو صفر للجزيئات، وللأيونات المزدوجة أو المركبة فهي تساوي الشحنة على المركّب.

أمثلة:

المصدر: ‎Gymer, 1973; Stumm & Morgan, 1970‎

لا يوجد الكترونات حرّة في تفاعلات الأكسدة والاختزال، فكل أكسدة متلازمة مع اختزال والعكس صحيح، ما يعني بأن توازن الالكترونات متحقق دائماً. حسب التعريف، فإن الأكسدة هي خسارة الالكترونات والاختزال هي اكتساب الالكترونات، وشرح ذلك من خلال التعبير عن تفاعل الأكسدة-الاختزال لأكسدة الحديد:

\ce{O2 + 4Fe^{2+} + 4H+ = 4Fe^{3+} + 2H2O} (3.63)

لكل نظام أكسدة-اختزال يمكن كتابة “نصف تفاعلات ” بناءً للشكل التالي:

oxidized state + ne = reduced state (3.64)

بناءً عليه يمكن التعبير عن تفاعل الأكسدة-اختزال للحديد من خلال النصف تفاعلات،

(اختزال) O2 + 4H+ + 4e = 2H2(3.65)

(أكسدة) 4Fe2+ = 4Fe3+ + 4e(3.65)

في النصف تفاعل للاختزال تتحول حالة الأكسدة للأكسيجين من صفر (أكسيجين بشكل O2) الى II- (أكسيجين في ‏H2O‎). وعليه يكون هناك إطلاق لأربعة الكترونات لأن 2 مول من ‏H2O‎ تتشكل من 1 مول من ‎O2‎ و4 مول من ‎H+‎. في حالة نصف تفاعل الأكسدة، 4 مول من ‎Fe(+II)‎ تذهب الى 4 مول من  ‎Fe(+III)‎، مع اكتساب لأربعة الكترونات. إن تفاعل الأكسدة-اختزال الكامل (المعادلة 3.63) يُعبّر عن التأثير الصافي لتحويل الالكترون، ولذلك لا يتضمن أي الكترون حرّ. عند كتابة النصف تفاعلات، لا بد من الانتباه للتأكد بأن الالكترونات عند كل جانب من المعادلة هي في حالة توازن. لا تحتاج هذه التفاعلات لمشاركة الأكسيجين أو الهيدروجين، على الرغم أن معظم تفاعلات الأكسدة-اختزال التي تحدث في منطقة المياه الجوفية تشمل واحد أو كُلاًّ من تلك العناصر. إن مبدأ الأكسدة والاختزال بلحاظ التغييرات في حالات الأكسدة تم تبيانها في الرسم 3.9.

لائحة من التفاعلات النصفية التي تُمثّل معظم عمليات الأكسدة-اختزال التي تحدث في المياه الجوفية تم عرضها في الجدول 3.9.

الجدول 3.9 التفاعلات النصفية للأكسدة والاختزال للعديد من المكونات الموجودة في بيئة المياه الجوفية

(1) \frac{1}{4}\ce{O2 + H+} + e = \frac{1}{2} \ce{H2O} (18) \frac{1}{8}\ce{SO4^{2-}} + \frac{9}{8}\ce{H+} + e = \frac{1}{8}\ce{HS^-} + \frac{1}{2}\ce{H2O}
(2) \ce{H+} + e = \frac{1}{2}\ce{H2O} (19) \frac{1}{2}\ce{S(s) + H+} + e = \frac{1}{2}\ce{H2S(g)}
(3) \ce{H2O} + e = \frac{1}{2}\ce{H2(g) + OH-} (20) \ce{Fe^{3+}} + e = \ce{Fe^{2+}}
(4) \frac{1}{5}\ce{NO^-_3} + \frac{6}{5}\ce{H+} + e = \frac{1}{10}\ce{N2(g)} + \frac{3}{5}\ce{H2O} (21) \ce{Fe(OH)3(s) + HCO^-_3 + 2H+} + e = \ce{Fe(CO3)(s) + 3H2O}
(5) \frac{1}{2}\ce{NO^-_3 + H+} + e = \frac{1}{2}\ce{NO^-_2} + \frac{1}{2}\ce{H2O} (22) \ce{Fe(OH)3(s) + 3H+} + e = \ce{Fe^{2+} + 3H2O}
(6) \frac{1}{8}\ce{NO^-_3} + \frac{5}{4}\ce{H+} + e = \frac{1}{8}\ce{NH^+_4} + \frac{3}{8}\ce{H2O} (23) \ce{Fe(OH)3(s) + H+} + e = \ce{Fe(OH)2(s) + H2O}
(7) \frac{1}{6}\ce{NO^-_2} + \frac{5}{4}\ce{H+} + e = \frac{1}{6}\ce{NH^+_4} + \frac{1}{3}\ce{H2O} (24) \frac{1}{2}\ce{FeS2(s) + 2H+} + e = \frac{1}{2}\ce{Fe^{2+} + H2S(g)}
(8) \frac{1}{4}\ce{NO^-_3} + \frac{5}{4}\ce{H+} + e = \ce{N2O(g)} + \frac{3}{8}\ce{H2O} (25) \frac{1}{2}\ce{FeS2(s) + S(s)} + e = \frac{1}{2}\ce{FeS2(s)}
(9) \frac{1}{2}\ce{NO^-_2} + \frac{3}{2}\ce{H+} + e = \frac{1}{4}\ce{N2O(g)} + \frac{3}{4}\ce{H2O} (26) \frac{1}{16}\ce{Fe^{2+}} + \frac{1}{8}\ce{SO4^{2-}} + e = \frac{1}{16}\ce{FeS2(s)} + \frac{1}{2}\ce{H2O}
(10) \frac{1}{6}\ce{N2(g)} + + \frac{4}{5}\ce{H+} + e = \frac{1}{3}\ce{NH^+_4} (27) \frac{1}{14}\ce{Fe(OH)2(s)} + \frac{1}{7}\ce{SO4^{2-}} + \frac{9}{7}\ce{H+} + e = \frac{1}{14}\ce{FeS2(s)} + \frac{5}{7}\ce{H2O}
(11) \frac{1}{4}\ce{CH2O} + \ce{H+} + e = \frac{1}{4}\ce{CH2O} +  \frac{1}{4}\ce{H2O} (28) \frac{1}{14}\ce{Fe(CO)3(s)} + \frac{1}{7}\ce{SO4^{2-}} + \frac{17}{14}\ce{H+} + e = \frac{1}{14}\ce{FeS2(s)} + \frac{4}{7}\ce{H2O} + \frac{1}{14}\ce{HCO^-_3}
(12) \frac{1}{4}\ce{CO2(g)} + \ce{H+} + e = \frac{1}{4}\ce{CH2O} +  \frac{1}{4}\ce{H2O} (29) \frac{1}{2}\ce{MnO2(s)} + \frac{1}{2}\ce{HCO^-_3} + \frac{3}{2}\ce{H+} + e = \frac{1}{2}\ce{MnCO3(s)} + \frac{3}{8}\ce{H2O}
(13) \frac{1}{2}\ce{CH2O} + \ce{H+} + e = \frac{1}{2}\ce{CH3OH} (30) \ce{Mn^{2+}} + 2e = \text{Mn(s)}
(14) \frac{1}{4}\ce{CO2(g) + H+} + e = \frac{1}{8}\ce{CH4(g)} \frac{1}{4}\ce{H2O} (31) \frac{1}{2}\ce{MnCO3(s)} + \frac{1}{2}\ce{H+} + e = \frac{1}{2}\text{Mn(s)} + \frac{1}{2}\ce{HCO^-_3}
(15) \frac{1}{2}\ce{CH3OH + H+} + e = \frac{1}{2}\ce{CH4(g)} + \frac{1}{2}\ce{H2O} (32) \text{MnOOH(s)} + \ce{HCO^-_3 + 2H+} + e = \ce{MnCO3 + 2H2O}
(16) \frac{1}{6}\ce{SO4^{2-}} + \frac{4}{3}\ce{H+} + e = \frac{2}{3}\ce{H2O} (33) \ce{MnO2 + H+} + e = \text{MnOOH}
(17) \frac{1}{8}\ce{SO4^{2-}} + \frac{5}{4}\ce{H+} + e = \frac{1}{8}\ce{H2S(g)} + \frac{1}{2}\ce{H2O}    
الشكل 3.9 علاقة الأكسدة والاختزال مع حالات الأكسدة.

استهلاك الأكسيجين والمواد العضوية

الأنهار والبحيرات غير الملوثة تمتاز بشكل عام بظروف أكسدة ناتجة عن الاختلاط مع الأكسيجين من الغلاف الجوي للأرض، ولكن الميل في أنظمة المياه الجوفية هو باتجاه ظروف الاختزال واستنزاف الأكسيجين. لأن المياه التي تدور في منطقة المياه الجوفية هي بشكل عام معزولة عن الغلاف الجوي، فإن الأكسيجين المستنزف في التفاعلات الهيدروكيميائية والبيوكيميائية لا يتم تعويضه. من أجل أن يحدث اختزال في المكونات غير العضوية، فإن بعض المكونات الأخرى يجب أن تتأكسد. المركب المتأكسد هو بشكل عام مادة عضوية. تلك التفاعلات تُحفّزها البكتيريا أو الانزيمات المعزولة والتي تستمد طاقتها من خلال تسهيل عملية نقل الالكترون. في العرض الحالي، سوف نفترض بأن التفاعلات تتجه باتجاه ثيرموديناميكي مناسب، من دون توضيح العمليات البيوكيميائية المترافقة. لتوضيح عملية أكسدة المادة العضوية، سكريات بسيطة، فإن CH2O يُستخدم كواهب للالكترون، على الرغم من أن العديد من المركّبات العضوية الأخرى، مثل السكاريد، متعدد السكاريد، الأحماض الدهنية، الأحماض الأمينية، والفينول، يمكن أن تكون المركبات العضوية الفعلية المنضوية في عملية الأكسدة-اختزال.

\ce{\frac{1}{4}CH2O + \frac{1}{4}H2O = \frac{1}{4}CO2(g) + H+} + e (3.67)

للحصول على تفاعلات كاملة لعمليات الأكسدة-اختزال، فإن النصف تفاعل لأكسدة المواد العضوية، والمتمثلة بالمعادلة 3.67، يمكن الحصول عليها مع العديد من التفاعلات النصفية لاختزال المركبات غير العضوية المدرجة في الجدول 3.9. إن المزيج من معادلة 3.67 والتفاعل رقم 1 في الجدول 3.9 يؤدي الى علاقة الأكسدة-اختزال التالية:

\ce{O2(g) + CH2O = CO2(g) + H2O} (3.68)

والتي تُمثّل عملية أكسدة المواد العضوية في ظل وجود بكتيريا وجزيئات اكسيجين حرّة. إن عملية الأكسدة-اختزال هذه هي المصدر الأساسي لـ ‎CO2‎ المذاب. تتّحد ‎CO2‎ مع ‏H2O‎ لإنتاج ‎H2CO3‎ (المعادلة 3.15)، والذي هو حمض ذات فعالية عالية من المنظار الجيوكيميائي.

لأن ذوبان الـ ‎O2‎ في المياه متدني (9مليغرام/ليتر على حرارة 25 درجة مئوية و 11مليغرام/ليتر على حرارة 5 درجات مئوية)، ولأن تعويض ‎O2‎ في بيئة تحت الأرض محدود، فإن أكسدة كمية قليلة من المواد العضوية يمكن أن تؤدي الى استهلاك كل ‎O2‎ المذابة. على سبيل المثال، انطلاقاً من علاقات قانون حفظ الكتلة المتضمَّنة في المعادلة 3.68، فإن أكسدة 8.4 مليغرام/ليتر (0.28 ملي مول/ليتر) من CH2O يستهلك 9مليغرام/ليتر (0.28 ملي مول/ليتر) من ‎O2‎. هذا يمكن أن ينتج في مياه لا تحتوي ‎O2‎ مذاب. المياه التي تتسرب في منطقة التربة عادة ما تكون باحتكاك مع المواد العضوية في التربة. لذلك فإن استهلاك ‎O2‎وإنتاج  ‎CO2‎ يُعتبر عملية واسعة في المنطقة الضحلة جداً من البيئة التحت أرضية.

الجدول 3.10 يعرض بعض تفاعلات الأكسدة-اختزال حيث يُستهلك الأكسجين. في كل هذه التفاعلات، يتم انتاج أيونات ‎H+‎. في العديد من أنظمة المياه الجوفية إن أيونات الـ ‎H+‎ تُستهلك من خلال التفاعل مع المعادن. لذلك فإن قيمة pH لا تتدنى بشكل ملحوظ. ولكن في بعض الأنظمة، فإن المعادن التي تتفاعل بهذه الطريقة غير موجودة، حيث أن عمليات الأكسدة تجعل المياه حمضية.

الجدول 3.10 بعض عمليات الأكسدة غير العضوية التي تستهلك الأكسجين المذاب في المياه الجوفية

  التفاعل* العملية
(1) \ce{O2} + \frac{1}{2}\ce{HS-} = \frac{1}{2}\ce{SO4^{2-}} + \frac{1}{2}\ce{H+} أكسدة الكبريتيد
(2) \frac{1}{4}\ce{O2} + \ce{Fe^{2+}} + \ce{H+} = \ce{Fe^{3+}} + \frac{1}{2}\ce{H+} أكسدة الحديد
(3) \ce{O2} + \frac{1}{2}\ce{NH^+_4} = \frac{1}{2}\ce{NO^-_3} + \ce{H+} + \frac{1}{2}\ce{H+} نترجة
(4) \ce{O2} + \ce{Mn^{2+} + 2H2O = 2MnO2(s) + 4H+} أكسدة المنغنيز
(5) \frac{15}{4}\ce{O2} + \ce{FeS2(s)} + \frac{7}{2}\ce{H2O} = \ce{Fe(OH)3(s) + 2SO4^{2-} + 4H+} أكسدة كبريتيد
†الحديد الثنائي
,(s)* مواد صلبة.
†يُعبّر عنها كتفاعل مشترك.

عند استهلاك كل ‎O2‎ المذاب في المياه الجوفية، فإن أكسدة المواد العضوية يمكن أن يستمر، ولكن عوامل الأكسدة (المكونات التي تخضع للتنازل) هي \ce{NO^-_3}، ‎MnO2‎،‎Fe(OH)3‎، ‎SO42-‎، وأخرى كذلك، بحسب ما هو مُبيّن في الجدول 3.11. خلال استهلاك عوامل الأكسدة هذه، فإن بيئة المياه الجوفية تُصبح أكثر وأكثر اختزالية. إذا استمرت العمليات أكثر، يمكن للبيئة أن تصبح شديدة الاختزال بشكل أنه حتى المركبات العضوية يمكن أن تتعرض للانحلال اللاهوائي. إن معادلة هذه العملية، والتي تُمثّل تحوّل المواد العضوية الى الميثان وثاني أوكسيد الكربون مُبيّنة بالتفاعل (1) الى (5) في الجدول 3.11. إن تسلسل عمليات الأكسدة-اختزال والممثّلة بالتفاعلات (1) الى (5) في الجدول 3.11 تتجه من الأكسدة الهوائية الى تخمّير الميثان شرط أن (1) المواد العضوية في شكلها المستهلك تستمر بوجودها في المياه، (2) البكتيريا التي تتوسط التفاعلات لديها العناصر الغذائية الكافية للحفاظ على وجودها، و(3) اختلافات الحرارة غير كبيرة بشكل تُعطّل العمليات البيوكيميائية. في العديد من أنظمة المياه الجوفية واحد أو أكثر من تلك العوامل غير موجود، ما يعني بأن المياه الجوفية لا تسير في كل مراحل الأكسدة-الاختزال. إن تطور المياه الجوفية خلال المراحل المختلفة للأكسدة والاختزال سيتم عرضها بشكل أكثر تفصيلي في الفصل السابع.

الجدول 3.11 بعض عمليات الأكسدة-الاختزال التي تستهلك المواد العضوية وتقلص المركبات غير العضوية في المياه الجوفية

*المعادلة العملية
(1) \ce{CH2O} + \frac{4}{5}\ce{NO^-_3} = \frac{2}{5}\ce{N2(g) + HCO^-_3} + \frac{1}{5}\ce{H+} + \frac{2}{5}\ce{H2O} نزع النيتروجين†
(2) \ce{CH2O + 2MnO2(s) + 3H+ = 2Mn^{2+} + HCO^-_3 + 2H2O} اختزال المنغنيز (IV)
(3) \ce{CH2O + 4Fe(OH)3(s) + 7H+ = 4Fe^{2+} + HCO^-_3 + 10H2O} اختزال الحديد (III)
(4) \ce{CH2O} + \frac{1}{2}\ce{SO4^{2-}} = \frac{1}{2}\ce{HS- + HCO^-_3} + \frac{1}{2}\ce{H+} اختزال الكبريتات‡
(5) \ce{CH2O} + \frac{1}{2}\ce{H2O} = \frac{1}{2}\ce{CH4} + \frac{1}{2}\ce{HCO^-_3} + \frac{1}{2}\ce{H+} تخمير الميثان
(g)* شكل غازي أو مذاب. (s) صلب
CH2O †تمثل المواد العضوية. المركبات العضوية الأخرى يمكن أيضاً أن تتأكسد

H2S ‎‡‎ تتواجد بشكل مكونات مذابة في المياه ‎(HS + H+ = H2S)‎. ‏H2S‏ هو المُكوّن الأكثر انتشاراً على pH < 7

ظروف توازن الأكسدة-اختزال

لا تحتوي المحلولات المائية على الكترونات حرّة، ولكن من المناسب التعبير عن عمليات الأكسدة-اختزال كتفاعلات نصفية ومن ثم معالجة التفاعلات النصفية وكأنها عمليات منفصلة. في هذا الاطار فإن المعلَم المعروف باسم pE يُستخدم لوصف النشاط بالنسبة للإلكترون. كتعريف،

\text{p}E = -\log[e] (3.69)

pE، والتي هي قيمة لا بعدية، هي مشابهة الى تعبير pH لنشاط البروتون (أيون هيدروجين). pE لمحلول هي قياس لقابلية الأكسدة أو الاختزال للمحلول. بالتوازي مع العُرف بأن يتم تحديد ΔGo=0 بشكل اعتباطي لترطيب ‎H+‎ (يعني ‎KH+=0‎ للتفاعل ‎H+‎ + ‎H2O‎ = ‎H3O+‎) فإن التغيير في الطاقة الحرّة لاختزال ‎H+‎ الى ‎H2(g)[H+ + e=1/2 ‎H2(g)]‎ هي صفر. pE و pH هما وظائف من الطاقة الحرّة المعنية في تحويل 1 مول من البروتون والالكترون، على التوالي.

فيما خص النصف تفاعل العام،

b\text{B} + c\text{C} + n\text{e} = d\text{D} + e\text{E} (3.70)

إن قانون عمل الكتلة يمكن كتابته،

K = \frac{[\text{D}]^d[\text{E}]^e}{[\text{e}]^n[\text{B}]^b[\text{C}]^c} (3.71)

على سبيل المثال، إن أكسدة ‎Fe(II)‎ الى ‎Fe(III)‎ من خلال الأكسجين الحر:

(اختزال) \frac{1}{2} \ce{O2 + 2H+} + 2e = \ce{H2O} (3.72)

(أكسدة) \ce{2Fe^{2+} = 2Fe^{3+}} + 2e (3.73)

(اختزال-أكسدة تفاعل) \overline{\ce{\frac{1}{2}O2 + 2Fe^{2+} + 2H+ = 2Fe^{3+} + H2O}} (3.74)

ثوابت التوازن للتفاعلات النصفية يُعبّر عنها دائماً في هذا الكتاب بالشكل الاختزالي. إن الأشكال والإلكترونات المؤكسدة تُكتب على اليسار والمنتجات المختزلة على اليمين. هذا يُعرف بـ "عُرف ستوكهولم" أو "عُرف IUPAC" ‏(IUPAC نسبة الى الاتحاد الدولي للكيمياء الفيزيائية والتحليلية). إن التعبير عن التفاعلات النصفية (المعادلات 3.72 و 3.73) من خلال ثوابت التوازن (المعادلة 3.71) على 25 درجة مئوية و 1 بار يؤدي الى:

K = \frac{1}{P^{1/2}_{\ce{O2}}[\ce{H+}]^2[e]^2} = 10^{41.55} (3.75)

K = \frac{\ce{[Fe^{2+}]}}{[\ce{Fe^{3+}}][e]} = 10^{12.53} (3.76)

إن القيَم الرقمية لثوابت التوازن تم احتسابها من المعادلة 3.12 باستخدام بيانات جيبس للطاقة الحرّة على 25 درجة مئوية و 1 بار. لتحصيل التعابير لظروف الأكسدة-اختزال والمعبّر عنها بـ pE، المعادلات 3.75 و 3.76 يمكن إعادة ترتيبها لتُعطي،

\text{p}E = 20.78 + \frac{1}{4} \log (P_{\ce{O2}}) - \text{pH} (3.77)

\text{p}E = 12.53 + \log \left(\ce{\frac{[Fe^{3+}]}{[Fe^{2+}]}}\right) (3.78)

إذا كان تفاعل الأكسدة-اختزال (المعادلة 3.74) بحالة توازن، وإذا كانت تركيزات الحديد، PO2 وpH معروفة، فإن pE المحصّلة من خلال هذه العلاقات هي نفسها. على الرغم من وجود العديد من المكونات المذابة في المحلول المعني في تفاعلات تحويل ايون هيدروجين والكترون، فإن يوجد حالة pE واحد فقط في حالة التوازن، كما هو الحال بوجود حالة pH واحد فقط. في أنظمة المياه الجوفية يوجد ترابط مع pH و pE. إن معظم التفاعلات المدرجة في الجدول 3.9 تتضمن تحويلات لالكترون وبروتون. في حالة التوازن، فإن التفاعلات التي تتضمن pH يمكن كتابتها كتعابير pE. إن التمثيل البياني لعلاقات pH-pE تم شرحها أدناه.

على الرغم من أن النقاش أعلاه اعتمد بشكل أساسي على افتراض بأن عمليات الأكسدة-اختزال هي في حالة توازن، فإنه في حالات الميدان تكون التركيزات للمكونات القابلة للأكسدة والاختزال أبعد من تلك المتوقعة من خلال نماذج التوازن. إن العديد من تفاعلات الأكسدة-اختزال تسير بمعدل بطيء والعديد منها لا رجعة فيه. لذلك فإنه من الممكن وجود العديد من مستويات الأكسدة-اختزال المختلفة في نفس الموقع. يوجد أيضاً إمكانية بأن تتواجد البكتيريا المطلوبة لمساعدة العديد من تفاعلات الأكسدة-اختزال في بيئات مايكروية (مجهرية) في المجالات المسامية التي لا تُمثّل مجمل البيئة الماكروية (العين المجردة) والتي فيها جريان الأعم الأغلب من المياه الجوفية. ولكن اعتبارات التوازن يمكن أن تساعد بشكل كبير جهودنا لتكوين فهم عام حول ظروف الأكسدة-اختزال التي يتم مشاهدتها في المياه تحت الأرض.  في كتابهما الشامل حول الكيمياء المائية يذكر Stumm & Morgan (1970)‎ ما يلي: “في كل الظروف فإن حسابات التوازن تؤمّن وضعيات الحدود والتي يُفترض أن تتجه اليها الأنظمة. أضف، إن التوازن الجزئي (حيث يوجد بعض ولكن ليس كل أزواج الأكسدة-اختزال) عادة مع يتم تقديرها، على الرغم من أن التوازن التام لم يتم تحقيقه … تحصل نظرة قيّمة حتى مع وجود فروقات بين المشاهدات والحسابات. إن افتقاد التوازن والحاجة الى المزيد من المعلومات أو نظريات أكثر تعقيداً يتم توضيحها لاحقاً” (مقتبس من ص.300).

إن حالة الأكسدة-اختزال لعمليات التوازن يمكن التعبير عنه من خلال pE (قيمة لا بُعد لها)، Eh(فولت)، أو ΔG (جولز أو كالوري). على الرغم أنه في السنوات الأخيرة أصبحت pE معامل شائع الاستخدام في دراسات الأكسدة-اختزال، Eh تستخدم في العديد من الدراسات، وتحديداً قبل السبعينيات، وتُعرف بـ “قابلية الأكسدة-اختزال”، وتُعرّف بأنها الطاقة المكتسبة في تحول 1 مول من الالكترونات من مؤكسد الى H2. إن h في Eh تؤشر الى أن الامكانية هي على مقياس الهيدروجين و E ترمز الى قوة الحركي كهربائي.  pE وEh مرتبطان من خلال،

\text{p}E = \frac{nF}{2.3RT}Eh (3.79)

حيث أن F هو ثابت فاراداي ‎(9×104 C.mol-1)‎، R هو ثابت الغاز، T هي الحرارة المطلقة، و n هو رقم الالكترونات في النصف تفاعل. للتفاعلات على حرارة 25 درجة مئوية حيث التفاعلات النصفية مُعبّر عنها من خلال انتقال الكترون واحد، تصبح المعادلة 3.79،

\text{p}E = 16.9 Eh (3.80)

يتم تعرفيها من خلال علاقة معروفة باسم معادلة نرنست،

Eh\text{(volts)} = Eh^\text{o} + \frac{2.3 RT}{nF} \log \left( \frac{\text{[oxidant]}}{\text{[reductant]}} \right) (3.81)

حيث أن Eho هي شرط مرجعي أو أساسي حيث كل المواد المعنية لديها نشاط على مستوى الوحدة وn  هو رقم الإلكترونات المنتقلة، وهذه ملاءمة ثيرموديناميكية. إن نشاطات الوحدة يمكن أن تتواجد فقط في المحلولات التي لديها تخفيف لامتناهي، ولذلك فإن هذا الشرط هو افتراضي. المعادلة التي تربط Eho مباشرة الى ثابت التوازن هي،

Eh^\text{o} = \frac{RT}{nF} \text{ln} \hspace{1mm} K (3.82)

في دراسة الأنظمة المائية فإن الأهداف نفسها يمكن تحقيقها من خلال استخدام pE أو Eh لتمثيل ظروف الأكسدة-اختزال. pE هي عادةً المعلَم المفضّل لأن صياغته تأتي بطريقة بسيطة من تمثيل النصف خلية لتفاعلات الأكسدة-اختزال بالاشتراك مع قانون نشاط الكتلة. تبادل الحسابات بين pE و Eh هو أمر مرغوب لأن جدولة البيانات الثيرموديناميكية لتفاعلات الأكسدة-اختزال يُعبّر عنها عادة بقيَم  Eho ، ولأنه في بعض الأنظمة المائية فإن الطريقة المناسبة لتحصيل مؤشر لظروف الأكسدة-اختزال يتطلب قياسات لإمكانيات الفولت للقطب الكهربائي.

العوامل المايكروبيولوجية

الكائنات المجهرية تُحفّز تقريباً كل تفاعلات الأكسدة-اختزال المهمة التي تحدث في المياه الجوفية. هذا يعني بأنه على الرغم من أن التفاعلات هي ثيرموديناميكية من تلقاء نفسها، فهي يحتاج للمحفزات التي تؤمّنها الكائنات المجهرية من أجل أن تسير بمعدل كبير. على الرغم من أنه من غير المألوف اعتبار الكائنات المجهرية كمكونات مهمة من بيئة المياه الجوفية، فإن تأثيرها لا يمكن أن يتم اهماله إذا كنا نريد أن نفهم أسباب وآثار عمليات الأكسدة-اختزال.

إن الكائنات المجهرية التي هي أكثر أهمية في عمليات الأكسدة-اختزال في منطقة المياه الجوفية هي البكتيريا. الأنواع الأخرى من الكائنات المجهرية، مثل الطحالب، الفطريات، الخمائر، البروتوزوانات يمكن أن تكون مهمة في بيئات مائية أخرى. إن البكتيريا عادة تتراوح في الحجم من 0.5 الى 3 µm. هي صغيرة مقارنة مع حجم المسامات في معظم المواد الجيولوجية غير المقيدة، وهي كبيرة مقارنة لحجم الجزيئات والأيونات الرطبة غير العضوية. إن القابلية المحفِزة للبكتيريا ينتجها نشاط الانزيمات التي عادة تتواجد في داخل البكتيريا. الانزيمات هي مواد بروتينية ألفتها الكائنات الحيّة التي لديها القوة على زيادة تفاعلات الأكسدة-اختزال من خلال تخفيض طاقات التفعيل للتفاعلات. هي تحقق ذلك من خلال التفاعل القوي مع مركبات الجزيئات التي تُمثّل البنية الجزيئية على منتصف الطريق بين المتفاعل والناتج ‎(Pauling & Pauling, 1975)‎. إن البيئة الجزيئية المحلية للعديد من تفاعلات الأنزيم هي مختلفة جداً من بيئة النظام المائي.

البكتيريا وانتزيماتها تشارك في عمليات الأكسدة-اختزال من أجل اكتساب طاقة لتوليف خلايا جديدة وصيانة الخلايا القديمة. إن إنشاء جزيئات تُشكّل مادة لتخزين الطاقة والتي تعرف بـ أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) تُعتبر خطوة مهمة في عملية نمو خلايا البكتيريا. بعد تكوينها فإن الجزيئات من هذه المادة عالية الطاقة يمكن أن تحلَل حرارياً من خلال سلسلة من التفاعلات المطلِقة للطاقة المعطاة لتوليف مواد من خلايا جديدة. لذلك فإن نمو البكتيريا مرتبط مباشرة بعدد مول الـ ATP المؤلفة من العناصر الغذائية المتاحة. بعض الطاقة التي تم الحصول عليها من تفاعلات الأكسدة-اختزال هي طاقات صيانة مطلوبة من الخلايا البكتيرية لبعض الأمور مثل إمكانية التنقل، من أجل منع الجريان غير المرغوب للمذاب إما الى داخل أو الى خارج الخلية، أو لأجل إعادة توليف البروتينات التي تتحلل بشكل ثابت ‎(McCarty, 1965)‎.

لأجل أن تكون البكتيريا قابلة للاستفادة من الطاقة العائدة لتفاعل الأكسدة-اختزال، مطلوب تغيير الحد الأدنى من الطاقة الحرّة بين المتفاعلات والمنتجات بما يٌقدّر بـ 60‎kJ/mol‎ ‏(Delwiche, 1967)‏. المصدر الأساسي لطاقة البكتيريا في المياه الجوفية هو أكسدة المواد العضوية.

إن البكتيريا التي تنمو فقط في ظل وجود أكسجين مذاب تُعرف بـ "البكتيريا الهوائية". "البكتيريا اللاهوائية" تتطلب غياباً الأكسجين المذاب. "البكتيريا الاختيارية" يمكنها النمو في وجود أو غياب الأكسجين. إن الحد الأدنى للأكسجين المذاب لأجل وجود معظم البكتيريا الهوائية هو 0.5 مليغرام/ليتر تقريباً، ولكن بعض المكونات الهوائية يمكن أن تتواجد على مستويات أقل. بما أن معظم الطرق الشائعة لقياس الأكسجين المذاب لديها حد اكتشاف أدنى يقارب 0.1 مليغرام/ليتر، فإنه من الممكن بأن تتوسط البكتيريا الهوائية تفاعلات الأكسدة-اختزال في الحالات التي يظهر بأنها لاهوائية استناداً الى ندرة الأكسجين القابل للكشف.

إن البكتيريا من أصناف مختلفة يمكنها تحمّل: ضغط السائل لحد عشرات البار، pH من 1 الى 10، وحرارة من صفر تقريباً الى أعلى من 75 درجة مئوية، وملوحة أكثر بكثير من تلك لمياه البحر. يمكن لتلك البكتيريا الترحيل عبر المواد الجيولوجية المسامية، وفي بيئات غير مناسبة يمكنها التطور الى أجسام مقاومة التي يمكنها التفعيل في وقت لاحق ‎(Oppenheimer, 1963)‎. بالرغم من تلك الخصائص الظاهرية للصلابة، فإن هناك الكثير من بيئات المياه الجوفية التي فيها مواد عضوية غير مؤكسدة بمعدلات معتبرة. بناءً عليه، فإم ظروف الأكسدة-اختزال لم تنخفض الى معدلات متدنية على الرغم من أن مئات أو آلاف السنين أو أكثر كانت موجودة حتى تسير التفاعلات. إذا كانت تفاعلات الأكسدة-اختزال التي تحتاج الى تحفيز بكتيري غير موجودة بمعدلات معتبرة، فإن فقدان واحد أو أكثر من العناصر الغذائية الضرورية للنمو البكتيري يمكن أن تكون هي السبب. هناك العديد من أنوع العناصر الغذائية، بعضها مطلوب من أجل الاندماج في كتلة الخلية للبكتيريا. الكربون، النتروجين، والكبريت والمركبات الفوسفورية والكثير من المعادن هي في هذه الفئة. العناصر الغذائية الأخرى هي مواد التي تعمل كواهبة للإلكترون أو عناصر للطاقة، مثل المياه، الأمونيا، الجلوكوز، و ‎H2S‎، ومواد تعمل كمستقبِل للإلكترون، مثل الأوكسجين، النيترات، والكبريتات. "العناصر الغذائية الماكروية" هي تلك المواد المطلوبة بكميات كبيرة ككتل بناء مباشرة في عمليات بناء الخلية. "العناصر الغذائية المايكروية" مطلوبة بكميات صغيرة جداً ما يجعل اكتشافها صعباً. إن احتياجات العناصر الغذائية الماكروية للعديد من البكتيريا يعتبر متقارباً أو متشابهاً. إن احتياجات العناصر الغذائية المايكروية هي على الأغلب تختلف من مكونات الى أخرى ‎(Brock, 1966)‎.

على الرغم أن البكتيريا تلعب دوراً مهماً في البيئة الجيوكيميائية للمياه الجوفية، فإن دراسة البكتيريا على أعماق تحت منطقة التربة ما تزال في بداياتها. في العقد أو العقدين القادمين سيتم تقديم تطويرات مثيرة للاهتمام في هذا المجال من الأبحاث.

الرسومات البيانية لـ pE-pH

الرسومات التي تظهر وجود توازن في الأيونات أو المعادن كنطاقات نسبة الى pE (أو pH) تُعرف بـرسومات pE-pH أو Eh-pH. الرسومات من هذا النوع تم تطويرها خلال الخمسينيات من قبل M.J.N. Pourbaix والعاملين معه في المركز البلجيكي لدراسة التآكل وذلك كأداة تطبيقية في الكيمياء التطبيقية. إن نتائج هذا العمل لخّصها Pourbaix et al. (1963)‎. الطرق التي طوّرها الفريق البلجيكي، R.M. Garrels والعاملين معه، كان لها تطبيقات رائدة في تحليل الأنظمة الجيولوجية. إن استخدام رسومات pE-pH أصبح منتشراً في الجيولوجيا، علم البحيرات، علم المحيطات، وعلم التربة. في تحقيقات نوعية المياه الجوفية، هناك تركيز كبير حالياً على تكوين فهم للعمليات التي تحكم وجود وحركية العناصر الهامشية أو العناصر النزرة. إن رسومات pE-pH هي مساعدة مهمة في هذا المسعى، والنقاش أدناه حول هذه الرسومات يعتبر مجرد مقدمة مختصرة. إن شرط الأكسدة-الاختزال سوف يتم عرضه من خلال pE وليس Eh، ولكن ذلك هو مجرد قضية مناسَبة. إن المعالجات الشاملة للموضوع تم عرضها من قبل Garrels & Christ (1965)‎، Stumm & Morgan (1970)‎، و Guenther (1975)‎. إن مخطط موجز لطرق بناء رسومات pE-pH تم عرضها من قبل Cloke (1966)‎.

منذ اهتمامنا في وجود التوازن (يعني الاستقرار) للمكونات المذابة والمعادن في البيئات المائية، فإن أول خطوة مناسبة في علاقات pE-pH هي بتحديد الظروف التي يكون فيها ‏H2O‎ مستقراً. من خلال النصف تفاعلات للأكسدة-اختزال،

\ce{O2(g) + 4H+ + 4}e = 2 \ce{H2O} (3.83)

\ce{2H+} + 2e = \ce{H2(g)} (3.84)

على حرارة 25 درجة مئوية، نحصل على،

\text{p}E = 20.8 - \text{pH} + \frac{1}{4} \log P_{\ce{O2}} (3.85)

\text{p}E = -\text{pH} - \frac{1}{2} \log P_{\ce{H2}} (3.86)

إن هذه العلاقات تظهر كخطوط مستقيمة (1 و 2) على رسم pE-pH الذي يظهر في الشكل 3.10(أ).

الشكل 3.10 رسومات pE-pH، حرارة 25 درجة مئوية و 1 بار. (أ) منطقة استقرار للمياه، (ب) خطوط البناء لـنظامFe-H2O (راجع النص حول المعادلة التي تمثّل أرقام الخطوط)، (ج) رسم مكتمل يُظهر مناطق استقرار للمكونات الرئيسية المذابة والمراحل الصلبة.

كمثال لشرح مناطق استقرار الأيونات والمعادن، سيتم أخذ نظام Fe-H2O المتمثّل في الشكل 3.10. في المياه الجوفية، يتواجد الحديد عادةً في المحلول بشكل Fe2+ و Fe3+. هذه هي المكونات الوحيدة التي يتم أخذها بالاعتبار في تحليلنا. في معالجة أكثر تفصيلية، فإنه بالإمكان تضمين المركبات مثل Fe(OH)2+، Fe(OH)2+ ، و HFeO2. إن المركبات الصلبة التي يمكن أن تتواجد في نظام Fe-H2O تم عرضها في الجدول 3.12. إن سلسلة من تفاعلات الاختزال التي تتضمن مواد صلبة (مركبات حديد) و ‎H+‎ وe كمتفاعلات، ومركبات صلبة مختزلة ومياه كمنتجات يمكن كتابتها للمركبات في الجدول 3.12. على سبيل المثال،

\ce{Fe(OH)3 + H+} + e = \ce{Fe(OH)2 + H2O} (3.87)

إن عرض هذا التفاعل بشكل نشاط كتلة حيث نشاطات المياه، وإعطاء الحالة الصلبة قيمة واحد (للأسباب المبيّنة في المقطع 3.2) يؤدي الى،

K = \frac{1}{[\text{H}][e]} (3.88)

وبالشكل اللوغاريثمي،

log K – pH – pE = 0 (3.89)

إن ثابت التوازن في هذه المعادلة يمكن تحصيله من خلال المعادلة 3.12 والجداول لقيَم جيبس للطاقة الحرّة (\Delta G^0_f)، كما هو مبيّن في المقطع 3.2. إن المعادلة 3.89 مُبيّنة كخط في رسم pE-pH كما هو ظاهر في الشكل 3.10(ب) (الخط 3). في نطاق pE-pH فوق هذا الخط، تجدون ‎Fe(OH)3‎ في حالة استقرار. تحت الخط هناك حالة اختزال الى ‎Fe(OH)2‎. تُعرف هذه بـ “ميادين الاستقرار” لهذين المركّبين الصلبين من الحديد. الخطوط التي تُمثّل معادلات الاختزال الأخرى والتي تم الحصول عليها من خلال تفاعل المواد الصلبة في الجدول 3.12 مع ‎H+‏ و e من أجل تشكيل مركبات أكثر اختزالاً و ‎H2O‎ يمكن انشاؤها على رسم pE-pH. لكن هذه الخطوط موجودة خارج منطقة الاستقرار لـ ‏H2O‎ (يعني فوق وتحت الخطوط 1 و 2)، ولذلك ليست محل اهتمام في دراسات المياه الجوفية.

الجدول 3.12 أكسيدات وهيدروكسيدات في نظام Fe-H2O

المواد الصلبة حالة الأكسدة
Fe 0
FeO, Fe(OH)2 II
Fe3O4 II و III
Fe2O3, Fe(OH)3, FeOOH III

في معظم دراسات المياه الطبيعية، يتركّز الاهتمام على المكونات المذابة الى جانب مراحل المعادن. لذلك، فإن المعلومات حول تركيزات التوازن للمكونات المذابة هي عادة موجودة في رسومات pE-pH. للتوضيح، سيتم مقاربة نظام Fe-H2O بشكل تفصيلي. إن حالة الأكسدة للحديد في‎Fe(OH)3‎ هي +III. إن تفكك‎Fe(OH)3‎ شبه البلوري في المياه هو،

\ce{Fe(OH)3 + 3H+ = Fe^{3+} + 3H2O} \hspace{1cm} \Delta G_r^0 = -1.84 \text{kJ} (3.90)

إن قانون نشاط الكتلة يعطي،

K_{\ce{Fe(OH)3}} = \ce{\frac{[Fe^{3+}]}{[H+]^3}} (3.91)

من المعادلة 3.12، يتم الحصول على قيمة +0.32 لـ log K. إن علاقة نشاط الكتلة يمكن التعبير عنه،

\log \ce{[Fe^{3+}] = 0.32 - 3 \hspace{1mm} \text{pH}} (3.92)

والتي يُرسم كخط عامودي على رسم pE-pH. إذا كانت pH محددة، فإن الخط الذي يتم الحصول عليه من هذا التعبير يُمثّل نشاط ‎Fe3+‎ الذي سيكون موجوداً في محلول مائي على احتكاك مع الحالة الصلبة، ‎Fe(OH)3‎. المعادلة 3.92 تؤشر الى أن نشاط Fe3+ يتزايد في حالة قيَم pH أدنى. في حالة بناء رسومات pE-pH، فإنه من الإجراءات المتعارفة اختيار ظرف pH التي يكون عليها نشاط المكونات المذابة بمستوى يمكن اهماله. إن اختيار هذا المستوى يعتمد على طبيعة المسألة. بغية توضيح الصورة، تم إظهار خطين على الشكل 3.10(ب) (الخطوط 4 و 5، والتي تُمثّل نشاطات Fe3+ لـ 10-5 و 10-6). على الرغم أن هذه الخطوط تُمثّل نظرياً النشاطات وهي لذلك بلا أبعاد، فإنها صالحة لتمثيل المولالية، لأنه في المحلولات ذات الملوحة المتدنية فإن معاملات النشاط هي تقريباً مساوية لواحد.

تحت الظروف الدنيا لـ pE ، فإن ‎Fe2+‎ هو المكوّن المهم للحديد المذاب. إن التفاعل محل الاهتمام هو،

\ce{Fe(OH)2 + 3H+ = Fe^{2+} + 2H2O} \hspace{1cm} \Delta G_r^0 = +26.33 \text{kJ} (3.93)

لعلاقة نشاط الكتلة، يمكن اشتقاق التعبير التالي:

\log \ce{[Fe^{2+}] = 10.23 - 2 pH} (3.94)

لقيَم [‎Fe2+‎] تساوي ‎10-5‎ و ‎10-6‎، فإن هذه المعادلة ممثّلة في الشكل 3.‎10 بالخطوط 6 و 7، على التوالي. إن الخطوط متراكبة فقط في الجزء من الرسم حيث ‎Fe(OH)2‎ هي المرحلة الصلبة المستقرة. ولكن ‎Fe2+‎ أيضاً تتواجد على نشاط متوازن في الجزء من الرسم حيث أن‎Fe(OH)3‎ هي المرحلة الصلبة المستقرة. ‎Fe2+‎ و ‎Fe(OH)3‎ مرتبطة من خلال نصف تفاعل الأكسدة-الاختزال،

\ce{Fe(OH)3 + 3H+} + e = \ce{Fe^{2+} + 3H2O} \hspace{1cm} \Delta G_r^0 = -76.26 \text{kJ} (3.95)

من خلال علاقة نشاط الكتلة،

\log \ce{[Fe^{2+}]} = \log K_{\ce{Fe(OH)3}} - 3\text{pH} - \text{p}E (3.96)

حيث أن‎=‎ ‎13.30‎  ‏logKFe(OH)3. في الشكل 3.10(ب) فإن هذا التعبير ممثل بالخطوط 8 و 9 لقيَم [‎Fe2+‎] يساوي ‎10-5‎ و ‎10-6‎، على التوالي.

الشكل 3.10(ج) هو نسخة “نظيفة” من رسم pE-pH، وهي تشرح الشكل العام حيث رسومات  pE-pHمعروضة عادة في الأعمال السابقة. من المهم الالتفات الى أن خطوط الحدود بين المراحل الصلبة والمكونات المذابة تستند الى قيَم محددة للنشاط، وأن صلاحية كل الخطوط كظروف ثيرموديناميكية متوازنة تعتمد على مدى موثوقية بيانات الطاقة الحرّة المستخدمة في بناء الرسم. في المثال أعلاه، هناك عدم يقين في موقع بعض الحدود لأن المرحلة الصلبة،‎Fe(OH)3‎، هي مادة بميزة بلورية مختلفة والتي تتمتع بقيَم GofΔ مختلفة تعتمد على مستوى ميزتها البلورية.

في الفصل التاسع، فإن رسوم pE-pH مستخدمة في النظر الى مكونات مذابة أخرى في المياه الجوفية. على الرغم من أن بعض رسوم pE-pH تظهر معقدة، إلا أن بناءها يمكن تحقيقه من خلال إجراءات ليست أكثر وضوحاً من تلك المشروحة أعلاه.

3.7 التبادل الأيوني والامتزاز

الآليات

إن المواد الجيولوجية المسامية المؤلّفة من نسبة معتبرة من الحبيبات الغروية لديها القدرة لتبادل المكونات الأيونية الممتزّة (adsorbed) على أسطح الحبيبات، فالحبيبات الغروية لديها أقطار في نطاق ‎10-3‎ الى ‎10-6‎مليمتر، وهي كبيرة نسبة الى حجم الجزيئات الصغيرة، ولكنها صغيرة كفاية بحيث أن القوة البينية المتحكمة في سلوكها كبيرة. إن معظم المعادن الطينية هي من الحجم الغروي. إن منتجات التآكل الجيوكيميائي للصخور هي عادة غير عضوية وحبيبات غروية لابلورية في حالة استقرار مستمر. إن منتجات التآكل الغروي يمكن أن تظهر كطلاء على الأسطح ذات الحبيبات الأكبر. حتى الترسّب الذي يظهر بأنه مؤلف من رمل نظيف أو حصى يمكن أن يتضمن حبيبات غروية كبيرة.

إن عمليات تبادل الأيون هي بالأعم الأغلب محصورة بالحبيبات الغروية لأن تلك الحبيبات لديها شحنة كهربائية كبيرة نسبة الى مساحات أسطحها. إن شحنة السطح هي نتيجة (1) عيب ما أو التبادلات الأيونية داخل بنية البلور أو (2) تفاعلات التفكك الكيميائي على أسطح الحبيبات. إن التبادل الأيوني يؤدي الى شحنة ايجابية صافية أو شحنة سلبية صافية على بنية البلور. إن اختلال التوازن هذا في الشحنة يستعاض عنه من خلال تراكم أيونات من شحنة مختلفة على السطح، والتي تُعرف بـ "الأيونات المقابلة". تُشكّل الأيونات المقابلة طبقة ممتزّة ذات تكوين متغيّر. الأيونات في هذه الطبقة يمكن أن تستبدل بأيونات أخرى شرط الاستمرار في تعديل عدم توازن الشحنة في بنية البلور.

الحبيبات في المواد الجيولوجية التي لديها شحنة على السطح ناتجة عن التبادل الأيوني هي المعادن الطينية. إن المعادن الطينية الشائعة يمكن تقسيمها الى خمسة مجموعات: مجموعة كاولينيت، مجموعة مونتموريلونيت (المعروفة عادة باسم مجموعة سمكتايت)، مجموعة ايلايت، مجموعة الكلوريت، ومجموعة فيرميكوليت. كل مجموعة يمكن أن تتضمن بعض أو الكثير من التنوعات التكوينية أو البنيوية بأسماء معادن مختلفة، ولكن المجموعات الخمسة هي كلها من النوع الطبقي لألومينوسيليكات. إن البنية والتكوين لهذه المجموعات شرحها ‎Grim (1968)‎ بالتفصيل في المونوغراف حول التركيبية المعدنية للطين و‎Olphen (1963)‎ في المونوغراف حول تبادل الأيون.

السيليكا، والتي هي الأوكسيد الأكثر شياعاً في القشرة الأرضية وواحد من الأوكسيدات الأكثر بساطة، يتميز بأسطح مشحونة كهربائياً. تتضمن الأسطح أيونات غير مُنسّقة بالكامل ولذلك لديها عدم توازن في الشحنة. في حالة الفراغ فإن الشحنة الصافية هي صغيرة جداً، وعند تعريضها للمياه، فإن المواقع المشحونة تتحول الى مجموعات الهيدروكسيد التي تتحكم بالشحنة على سطح المعدن. تتطور شحنة السطح بسبب تفكك مجموعات ‎OH‎ الممتزّة على سطح معيّن. لتحييد هذه الشحنة، فإن طبقة ممتزّة من الكاتيونات والأنيونات تتشكّل في منطقة متاخمة للطبقة التي أضيف اليها هيدروكسيل. يقول Parks (1967)‎ بأن ظروف إضافة هيدروكسيل الى سطح معين يجب توقعها في كل المواد الأوكسيدية التي كان لديها فرصة للتوازن مع بيئة مائية. إن الشحنة الصافية على الطبقة المضاف اليها هيدروكسيل يمكن أن يكون سلبياً أو ايجابياً بناءً على وضعية تفكك مجموعة الهيدروكسيل لجهة كونها حمضية أو قلوية. إن شحنة السطح يمكن أيضاً أن تتكون من خلال امتزاز مركبات أيونية مشحونة.

يُشكّل pH عاملاً أساسياً في طبيعة شحنة السطح. تطغى الشحنة الإيجابية على السطح في حالة pH متدنية، وشحنة سلبية في حالة pH مرتفعة. في بعض الحالات حيث pH متوسطة فإن الشحنة تكون صفراً، وهي حالة تُعرف بـ “نقطة الشحنة صفر (pHzpc)”. لذلك فإن قابلة الكاتيونات والأنيونات على الامتزاز تعتمد على pH في المحلول.

قدرة التبادل الكاتيوني

إن "قدرة التبادل الكاتيوني" (CEC) لمادة غروية تم تعريفها عبر ‎Olphen (1963)‎ بأنها فائض الأيونات المقابلة في المنطقة المتاخمة للسطح المشحون أو الطبقة التي يمكن أن تُستبدل مع كاتيونات أخرى. إن قدرة التبادل الكاتيوني للمواد الجيولوجية يُعبّر عنها عادة بعدد الملي مكافئ مولي للكاتيونات التي يمكن أن تُستبدل في عيّنة لديها 100 غرام كتلة جافة. إن الفحص الأساسي لتحديد CEC لهذه المواد يتضمن (1) إشباع مواقع التبادل بـ ‎NH4+‎ من خلال دمج عيّنة التربة مع محلول من أسيتات الأمونيوم، (2) تعديل pH المياه في المسام الى 7.0، (3) إزالة ‎NH4+‎ الممتزّة من خلال الرشح باستخدام محلول قوي من NaCl (Na+ تستبدل ‎NH4+‎ في مواقع التبادل)، و(4) تحديد كمية ‎Na+‎ للمحلول الراشح بعد الوصول الى حالة التوازن. إن قيَم CEC المحصّلة من اختبارات المختبر الأساسية هي قياس لقدرة التبادل تحت ظروف محددة للاختبار. بالنسبة للمعادن التي تعود قدرتها على التبادل الى تفاعلات التفكك الكيميائي على أسطحها، فإن قدرة التبادل الحقيقية يمكن أن تعتمد بقوة على pH.

إن مبدأ قدرة التبادل الكاتيوني وعلاقتها بالمعادن الطينية والاستبدال البلوري المتماثل تم شرحها من خلال المثال التالي المأخوذ معدّلاً من ‎Olphen (1963)‎. فلنأخذ الطين المونتموريلونيتي حيث 0.67 مول من Mgتتواجد في حالة استبدال بلوري متماثل مع Al في الأوجه الثمانية من بنية الألمنيوم البلورية. إن معادلة الخلية الواحدة لبنية المونتموريلونيت البلورية يمكن التعبير عنها،

Ex\ce{(Si_8)(Al_{3.33}Mg_{0.67})O20(OH)4}

حيث أن Ex تُمثّل الكاتيونات المستبدلة. سيتم الافتراض بأن الكاتيونات المستبدلة هي كلها ‎Na+‎. من خلال الأوزان الذرية لكل عنصر، فإن وزن المونتموريلونيت هو 734، عليه واستناداً الى رقم أفوجادرو فإن 734غرام من هذا الطين يتضمن  ‎6.02‎ × ‎1023‎ وحدة من الخلايا. إن وحدة كل خلية هي الوحدة البنيوية الأصغر والتي من خلالها يتم تجميع حبيبات الطين. إن الأبعاد النموذجية لخلية المونتموريلونيت بحسب ما تم تحديده من خلال تحاليل الانحراف بالأشعة السينية هي ‎5.‎15 Å‎ و  ‎8.9 Å‎ (أنغستروم) في مسطح الشرائح ثمانية ورباعية السطوح. إن المسافة بين الشرائح تتفاوت بين 9 الى ‎15 Å‎ بحسب طبيعة الكاتيونات الممتزّة وجزيئات المياه. إن المساحة الاجمالية لسطح طين 1 غرام هو،

\frac{1}{734} \times 6.02 \times 10^{23} \times 2 \times 5.15 \times 8.9\buildrel _\circ \over {\mathrm{A}}^2\text{/g = 750 m}^2/\text{g}

لتحقيق توازن في الشحنة السلبية الناتجة عن استبدال Mg، فإن 0.67 مول من الكاتيونات آحادية التكافؤ، في هذه الحالة ‎Na+‎، مطلوبة لكل 734 غرام من الطين. باستخدام الوحدات المتعارفة فإن قدرة التبادل الكاتيوني هي،

\text{CEC} = \frac{0.67}{734} \times 10^3 \times 100 = 91.5 \hspace{1mm} \text{meq/100 g}

والتي تعادل ‎0.915 × 6.02 × 1020‎ من الكاتيونات آحادية التكافؤ بكل غرام.

حيث أن عدد الكاتيونات المطلوبة للتوازن مع الشحنة السطحية في كل وحدة كتلة من الطين، ومساحة السطح في كل وحدة كتلة من الطين معروفة الآن، فإن مساحة السطح المتاح لكل كاتيون آحادي التكافؤ قابل للاستبدال يمكن احتسابه:

\frac{750 \times 10^{20}}{0.915 \times 6.02 \times 10^{20}} = 132 \buildrel _\circ \over {\mathrm{A}}^2\text{/ion}

إن القطر المرطّب لـ ‎Na+‎ يمكن تقديره نطاقه من Å 5.6 الى 7.9 Å، وبالتالي يقابل مساحة 98.5 الى 196.1 Å2. إن مقارنة هذه المساحات مع مساحة السطح المتاحة لكل كاتيون آحادي التكافؤ يؤشر الى حاجة لأكثر من وجود طبقة آحادية من الكاتيونات الممتزّة من أجل تحقيق توازن مع السطح المشحون الناتج عن الاستبدال البلوري المتماثل.

القيام بحسابات مشابهة للكاولونيت يؤشر الى أنه بالنسبة لهذا الطين فإن مساحة السطح هي 1075 متر مربع/غرام ‎(Wayman, 1967)‎. إن قدرة التبادل الكاتيوني للكولونيت هي بالنطاق بين 1 الى 10 meq/100g ‏(100 ميلي مكافئ/100 غرام)، ولذلك فإن الطبقة الآحادية للكاتيونات الممتزّة مطابقة لشروط توازن الشحنة.

معادلات نشاط الكتلة

بالاستناد الى الطرق المأخوذة بالاعتبار في العديد من المواضيع الأخرى في هذا الفصل، سوف نقوم بتطوير علاقات كميّة لعمليات تبادل الكاتيون وذلك من خلال تطبيق قانون نشاط الكتلة. على هذا الأساس تم الافتراض بأن نظام التبادل يتألف من مرحلتين منفصلتين، مرحلة المحلول ومرحلة التبادل. مرحلة التبادل تتألف من كل أو من جزء من المجال المسامي، ثم يتم عرض عملية تبادل الأيون كتبادل أيونات ما بين المرحلتين،

a\text{A} + b\text{B}(ad) = a\text{A} + b\text{B} (3.97)

حيث أن A و B هما الأيونات المتبادلة، a و b هي أرقام المول، واللاحقة (ad) تُمثّل الأيون الممتزّ. إن غياب اللاحقة يُدلل على وجود الأيون في المحلول. استناداً الى قانون نشاط الكتلة،

K_{\text{A-B}} = \frac{[\text{A}_{\text{(ad)}}]^a\text{[B]}^b}{[\text{A}]^a [\text{B}_{\text{(ad)}}]^b} (3.98)

حيث أن القيَم في الأقواص تُمثّل النشاط. للتبادل بين ‎Na+‎ و ‏Ca2+‎، والتي هي مهمة جداً في العديد من أنظمة المياه الجوفية الطبيعية، فإن معادلة التبادل هي،

‎2Na+ + Ca(ad) = Ca2+ + 2Na(ad)‎ (3.99)

K_{\text{Na-Ca}} = \frac{\ce{[Ca^{2+}][Na_{(ad)}]^2}}{\ce{[Na+]^2[Ca_{(ad)}]}} (3.100)

إن نسبة نشاط الأيونات في المحلول يمكن التعبير عنها من خلال المولالية ومعاملات النشاط،

\frac{\text{[B]}^b}{\text{[A]}^a} = \frac{\gamma_{\text{B}}^{b}(\text{B})^b}{\gamma_{\text{A}}^{a}(\text{A})^a} (3.101)

حيث أن قيمة معامل النشاط (γA, γB) يمكن الحصول عليها من خلال الطريقة المعتادة (المقطع 3.2). حتى تكون المعادلة 3.98 مفيدة فإنه من الضروري الحصول على القيَم لنشاطات الأيونات الممتزّة. اقترح Vanselow (1932)‎ بأن نشاطات الأيونات الممتزّة تكون متساوية لكسور المول (المقطع 3.2 يتضمن تعريفاً لهذه القيمة). إن كسور المول لـ A و B هي،

N_{\text{A}} \frac{\text{(A)}}{\text{(A) + (B)}} أو N_{\text{B}} \frac{\text{(B)}}{\text{(A) + (B)}}

حيث أن (A) و (B)، المعبّر عنهما بالمول، هي مكونات ممتزّة. يصبح تعبير التوازن،

\bar{K}_{\text{(A-B)}} = \frac{\gamma_{\text{B}}^{\text{b}}(\text{B})^b}{\gamma_{\text{A}}^{\text{a}}(\text{A})^a} \frac{N_{\text{A(ad)}}^{\text{a}}}{N_{\text{B(ad)}}^{\text{b}}} (3.102)

Vanselow وآخرين وجدوا مختبرياً بأن  \bar{K} هي ثابتة لبعض أنظمة التبادل المتضمنة أقطاع كهربائية وطين. على هذا الأساس أصبحت  تُعرف بـ "معامل الانتقاء". في الحالات التي لا تكون فيها ثابتة، فإنه من الأنسب تسميتها "الوظيفية الانتقائية" ‎(Babcock, 1963)‎. في العديد من التحقيقات تجد أن معامل النشاط في المعادلة 3.101 غير موجود. ولكن ‎Babcock & Schulz (1963)‎ أظهرا بأن تأثير معامل النشاط يمكن أن يكون مهماً على وجه الخصوص في حالة تبادل الكاتيون آحادي-ثنائي التكافؤ.

Argersinger et al. (1950)‎ وسّعوا نظرية Vanselow لتأخد بالاعتبار بشكل كامل تأثير الأيونات الممتزّة. إن معاملات النشاط للأيونات الممتزّة تم تقديمها بشكل مماثل لمعاملات النشاط في المذاب.

\gamma_{\text{A(ad)}} = \frac{[\text{A}_{\text{(ad)}}]}{N_{\text{A(ad)}}} \hspace{1cm} أو \hspace{1cm} \gamma_{\text{B(ad)}} = \frac{[\text{B}_{\text{(ad)}}]}{N_{\text{B(ad)}}} (3.103)

لذلك فإن ثابت التوازن لنشاط الكتلة، KA-B، هو مرتبط بوظيفة الانتقائية من خلال

K_{\text{A-B}} = \frac{\gamma_{\text{A(ad)}}^{\text{a}}} {\gamma_{\text{B(ad)}}^b} \bar{K}_{\text{(A-B)}} (3.104)

على الرغم أن هذه المعادلة يجب أن تُعطي نظرياً طريقة صالحة لتوقّع آثار تبادل الأيون على تركيزات الكاتيون في المياه الجوفية، مع الاستثناءات البارزة للتحقيقات التي أجراها Jensen & Babcock (1973)‎ و El-Prince & Babcock (1975)‎، فإن دراسات تبادل الكاتيون لا تتضمن بشكل عام تحديد K و γ(ad). إن المعلومات حول معاملات الانتقاء هي أكثر شياعاً في الدراسات السابقة. للتبادل الزوجي ‎Mg2+‎-Ca2+، Jensen & Babcock (1973)‎ وآخرين لاحظوا بأن معامل الانتقاء هو ثابت على نطاق واسع من نسَب ‎(Mg2+)ad/(Ca2+)ad‎ و قوة الأيون. \bar{K}_{\ce{Mg-Ca}} هي عادة ضمن نطاق 0.6 الى 0.9. هذا يؤشر الى أن أفضلية امتزاز ‏Ca2+‎ على ‎Mg2+‎.

إن الاهتمام في عمليات تبادل الكاتيون في المياه الجوفية يُركّز عادةً على سؤال حول ماذا سيحدث لتركيزات الكاتيون في المياه الجوفية عند جريان المياه الى منطقة فيها قدرة تبادل كاتيون كبيرة. إن الطبقات التي يمكن أن تُغيّر كيمياء المياه الجوفية من خلال تبادل الكاتيون يمكن أن تحوي خصائص جيوكيميائية مهمة أخرى، ولكن للتبسيط تم استبعادها من النقاش. عندما تجري مياه جوفية من تركيبة معينة في منطقة تبادل كاتيوني، فإن تركيزات الكاتيون سوف تُعدّل الى ظرف فيه توازن في التبادل. إن تركيزات كاتيونات التوازن تعتمد على الشروط الابتدائية، مثل: (1) تركيزات الكاتيون للمياه التي تدخل الى المسامات حيث يحدث التبادل، و(2) نسَب المول للكاتيونات الممتزّة على أسطح المسامات مباشرة قبل دخول المياه الجديدة. حيث أن كل حجم مياه جديد يجري عبر مساحة المسام، يتحقق توازن جديد كاستجابة الى الظروف الابتدائية الجديدة. إن الجريان المستمر للمياه الجوفية عبر منطقة تبادل الكاتيون يمكن أن يترافق مع تغيير كيميائي تدريجي في المسام، على الرغم أن توازن التبادل في مياه المسام متحقق كل الوقت. هذا الظرف لتبدل التوازن هو على وجه التحديد من ميزات عمليات تبادل الكاتيون في منطقة المياه الجوفية، وهو أيضاً مترافق مع عمليات هيدروكيميائية أخرى حيث يُحدث الجريان الهيدروديناميكي استبدالاً مستمراً لمياه المسام في ظل حدوث تفاعلات سريعة بين المعادن والمياه.

إن المثال أدناه يشرح كيف أن تفاعلات التبادل يمكن أن تؤثر على كيمياء المياه الجوفية. فلنأخذ التفاعل التالي:

\ce{(Mg^{2+}) + (Ca^{2+})_{ad} <=> (Ca^{2+}) + (Mg^{2+})_{ad}} (3.105)

والذي يؤدي الى،

\bar{K}_{\text{Mg-Ca}} = \frac{\gamma_{\text{Ca}}(\ce{Ca}^{2+})}{\gamma_{\text{Mg}}(\ce{Mg}^{2+})} \frac{N_{\text{Mg}}}{N_{\text{Ca}}} (3.106)

حيث أن  هي معامل الانتقاء، γ تدل على معامل النشاط، ‎(Ca2+)‎ و ‎(Mg2+)‎ هي المولالية، و NMg و NCa هما كسور المول لـ ‎Mg2+‎ و‎Ca2+‎ الممتزّة. على قوة أيون متدنية أو وسطية، يوجد تشابه بين معاملات النشاط لكل من ‎Ca2+‎ و ‎Mg2+‎ (الشكل 3.3)، والمعادلة 3.106 يمكن تبسيطها الى،

\bar{K}_{\text{Mg-Ca}} = \frac{(\ce{Ca}^{2+})}{(\ce{Mg}^{2+})} \frac{N_{\text{Mg}}}{N_{\text{Ca}}} (3.107)

في هذا المثال، يحدث التبادل عندما تقوم مياه جوفية لديها قوة أيون متدنية مع مولالية لـ ‎Mg2+‎ وCa2+‎ تساوي ‎1 × 10-3‎ بالجريان في طبقة طينية ذات قدرة تبادل كاتيوني يساوي ‎100 meq/100g‎. إن تركيزات الكاتيونات الأخرى في المياه غير ذات قيمة. يتم الافتراض بأنه قبل دخول المياه الجوفية الى طبقة الطين، فإن مواقع التبادل على الطين يتم مشاركتها بالتساوي من قبل ‎Mg2+‎ و ‏Ca2+‎. وعليه فإن الشرط الابتدائي للامتزاز هو NMg= NCa. لاحتساب تركيزات توازن الكاتيون، يوجد حاجة لمعلومات حول مسامية الطين أو كثافته الظاهرية الجافة. يتم الافتراض بأن المسامية هي 0.33 وأن كثافة المواد الصلبة هي 2.65 غرام/سم مكعب. ولذلك فإن التقدير المنطقي للكثافة الظاهرية الجافة هو 1.75 غرام/ سم مكعب. من المناسب في هذا المجال التعبير عن تركيزات الكاتيون في المحلول كمول في الليتر، والتي على تركيزات متدنية هي نفسها المولالية. بما أن المسامية هي 0.33، والمعبّر عنها بكسر، فإن كل ليتر من المياه في طبقة طينية هو على احتكاك مع ‎2 × 103‎سم مكعب من المواد الصلبة التي لديها كتلة من ‎5.3 × 103‎ غرام. ولأن CEC يساوي ‎1 meq/g‎ ولأن 1 مول من ‏Ca2+‎ أو ‎Mg2+‎ يساوي 2 تكافؤ، فإن ‎5.3 × 103‎ غرام من الطين لديه إجمالي 5.3 تكافؤ، والتي تساوي 1.33مول من ‎Mg2+‎ الممتزّة و 1.33 مول من ‏Ca2+‎. يُفترض بأن المياه الجوفية تجري الى الطين المشّبع بالمياه وهو يستبدل مياه المسام الأصلية بشكل كلي. إن تركيزات ‏Ca2+‎ و ‎Mg2+‎ في المياه الجوفية يمكن احتسابها عند دخولها الطبقة الطينية. سوف يتم استخدام \bar{K}_{\ce{Mg-Ca}}  يساوي 0.6، وسوف يتم الافتراض بأن استبدال مياه المسام يحدث على الفور في ظل انتشار هيدروديناميكي نادر. بما أن الشروط الابتدائية محددة بـ NMg= NCa، فإن الليتر من المياه المتصلة مع الطين لديه 1.33 مول من ‎Mg2+‎ و 1.33 مول من ‏Ca2+‎ على مواقع (أو أسطح) التبادل. بالمقارنة مع تركيزات ‎Mg2+‎ و ‏Ca2+‎ في المياه الجوفية، فإن الطبقة الممتزّة على حبيبات الطين هي خزان كبيرة للكاتيونات القابلة للتحويل.

إن استبدال القيَم الابتدائية الى يمين المعادلة 3.107 يؤدي الى قيمة لحاصل التفاعل (المعادلة 3.60):

Q_{\text{Mg-Ca}} = \frac{1 \times 10^{-3}}{1 \times 10^{-3}} \times \frac{0.5}{0.5} = 1

حتى يسير هذا التفاعل الى التوازن بالنسبة الى مياه المسام الجديدة، لا بد لـ QMg-Ca أن تتدنى الى رقم يساوي 0.6 من أجل تحقيق الشرط  Q = K. هذا يحدث من خلال امتزاز Ca2+ وتحرير Mg2+ الى المحلول. يتحقق التوازن عندما ‎(Ca2+) = 0.743 × 10-3‎، ‎(Mg2+) = 1.257 × 10-3‎، ‎NCa = 0.500743‎ و ‎NMg = 0.499257‎. إن نسبة الكاتيونات الممتزّة لا تتغير بشكل كبير، ولكن نسبة ‎(Mg2+)/(Ca2+)‎ للمكونات المذابة تدنّت من 1 الى 1.7. إذا استمرت المياه الجوفية في الجريان عبر الطبقة الطينية فإن تركيزات توازن الكاتيون سوف تبقى كما هو مبيّن أعلاه حتى يعبر رقم معتبر من أحجام المسام لكي يجعل نسبة الكاتيونات الممتزّة تتغير تدريجياً. على أثر ذلك، تتدنى نسبة NMg/NCa الى 0.6، وهو الوقت الذي يصبح فيه الطين غير قادر على تغيير تركيزات ‎Ca2+‎ و ‎Mg2+‎ للمياه الجوفية الواردة. في حال تبدّل كيمياء المياه الواردة، فإن توازن الحالة المستقرة لن يتحقق.

يشرح هذا المثال الطبيعة الديناميكية لتوازن تبادل الكاتيون. لأن تفاعلات التبادل بين الكاتيونات والطين هي عادةً سريعة، فإن من المتوقع أن تكون تركيزات الكاتيوت في المياه الجوفية في حالة تبادل متوازن، ولكن العديد من الآلاف أو من الملايين من أحجام المسام عليها المرور خلال المجال المسامي قبل أن تتعدّل نسبة الكاتيون الممتزّة مع المياه الواردة. استناداً الى الظروف الجيوكيميائية والهيدرولوجية، يمكن أن يتطلب حدوث ذلك فترة زمنية من ملايين السنيين.

إن التبادل الذي يتضمن كاتيونات من نفس التكافؤ يتميّز بأفضلية لأحد الأيونات إذا كان معامل الانتقاء أكبر أو أصغر من واحد. إن الترتيب الطبيعي للمفاضلة لبعض الكاتيونات آحادية وثنائية والتكافؤ في معظم الطين هي،

الميل الى الامتزاز

‎Cs+ > Rb+ > K+ > Na+ > Li+

أضعف → أقوى

‎Ba2+ > Sr2+ > Ca2+ > Mg2+

إن الأيونات ثنائية التكافؤ لديها ميل للامتزاز أقوى مقارنة من الأيونات آحادية التكافؤ، على الرغم بأن هذا يعتمد الى حد ما على طبيعة المبادِل والتركيز في المحلولات ‎(Wiklander, 1964)‎. ان كلا التسلسلين حول الميل يتجهان باتجاه الشعاع الأعلى للأيون الرطب، مع أقوى امتزاز للأيونات الرطبة الأصغر والامتزاز الأضعف للأيونات الأكبر. ولكن لا بد من الالتفات الى أن الاتجاه الذي يتجه اليه تفاعل تبادل الكاتيون يعتمد أيضاً على نسبة كسور المول الممتزّة في الظرف الابتدائي ونسبة التركيز لكلا الأيونين في المحلول. على سبيل المثال، إذا أخذنا شرط تبادل Mg-Ca المستخدم في حسابات التوازن التي تم عرضها أعلاه ولكن مع تغيير الشرط الابتدائي للأيونات الممتزّة الى ‎NMg = 0.375‎ و ‎NCa = 0.625‎، سنجد أنه لا يوجد تغيير في تركيزات ‎Mg2+‎ و ‎Ca2+‎ خلال عبور المياه الجوفية في الطين. إذا كانت الشروط الابتدائية لامتزاز الأيون على شكل أن نسبة ‎NMg/NCa‎ كانت أقل من 0.6، فإن تفاعل التبادل يمكن أن يسير في الاتجاه المعاكس (الى يمين معادلة 3.105)، ما يجعل نسبة ‎(Mg2+)/(Ca2+)‎ تتدنى. هذا يؤشر الى أنه لتحديد الاتجاه الذي سيتجه فيه تفاعل تبادل الأيون، فإنه من المطلوب الحصول على معلومات أكثر من الوارد في السلسلة البسيطة أعلاه حول الميل الى الامتزاز.

إن تفاعلات تبادل الكاتيون الأكثر أهمية في أنظمة المياه الجوفية هي تلك التي تتضمن كاتيونات آحادية وثنائية مثل ‎Na+-Ca2+‎، ‎Na+-Mg2+‎، ‎K+-Ca2+‎ و ‎K+‎-Mg2+‎. بالنسبة لهذه التفاعلات،

‎2A+ + B(ad) = B2+ + 2A(ad)‎ (3.108)

\bar{K}_{\text{A-B}} = \frac{[\text{B}^{2+}]N_{\text{A}}^2}{[\text{A}^+]^2 N_{\text{B}}} (3.109)

إن تفاعل تبادل ‎Na+-Ca2+‎ يحمل أهمية خاصة عندما يحدث في الطين المونتموريلونيتي (سمكتايت) لأنه قادر على إحداث تغييرات كبيرة في النفاذية. إن الطين من مجموعة المونتموريلونيت يمكن أن يتمدد ويتقلص استجابة للتغييرات في تركيبة الكاتيونات الممتزّة بين صفائح الطين. إن الشعاع الرطب لـ ‎Na+‎ و ‎Ca2+‎ هي بهيئة أن اثنين من ‎Na+‎ الرطب يحتاج الى أكثر فراغ من ‏Ca2+‎ واحد. لذلك فإن استبدال ‏Ca2+‎ بـ ‎Na+‎ في مواقع التبادل يؤدي الى زيادة في أبعاد بنية البلور. ينتج عن ذلك تدني في النفاذية، وهو ما يمكن أن يؤدي الى انحلال في الإنتاج الزراعي للتربة.

3.8 النظائر البيئية

منذ بداية الخمسينيات تُستخدم النظائر التي تتواجد طبيعياً في المياه في الدورة الهيدرولوجية في التحقيقات المتعلقة بأنظمة المياه الجوفية والمياه السطحية، ومن أهم تلك النظائر: تريتيوم ‎(3H)‎ والكربون14‎(14C)‎ وهما مشعان، والأكسجين18 ‎(18O)‎ وديوتيريوم ‎(2H)‎، وهما غير مشعين ويُعرفان بـ “النظائر المستقرة” (الجدول 3.1). التريتيوم والديوتيريوم يُعرفان عادة بـ T و D، على التوالي. يستخدم 3H و 14C كدليل على عمر المياه الجوفية. 18O و 2H يخدمان كمؤشرات حول أماكن مصادر المياه الجوفية وكمؤشرات حول التبخّر في المياه السطحية. إن كتابنا هذا يعرض التطبيقات الهيدروجيولوجية لهذه النظائر الطبيعية الأربعة فقط. لنقاش حول النظريات أو الاستخدام الهيدرولوجي أو الهيدروكيميائي لنظائر طبيعية أخرى، مثل كربون13، نيتروجين15، والكبريت34، على القارئ مراجعة Back & Hanshaw (1965)‎، Kreitler & Jones (1975)‎ و Wigley (1975)‎. هناك العديد من الحالات حيث تستطيع بيانات النظائر إعطاء معلومات هيدرولوجية قيّمة والتي لا يمكن تحصيلها في طرق أخرى. إن التقنيات المعقّدة لقياس النظائر أعلاه في المياه موجودة منذ عقود، والتي خلالها تزايد استخدام النظائر في دراسات المياه الجوفية.

الكربون14

قبل إجراء الاختبارات النووية الحرارية في العام 1953، كان 14C في الغلاف الجوي يُستخرج بشكل كلي من العملية الطبيعية للتحول النتيروجيني الناتج عن القصف بالإشعاعات الكونية، وإنتاج 14C هذا كان يُقدّر بـ ‎2.5 atoms/s.cm2‎ ‎(2.5 ذرات/ثانية.سم مربع) ‎(Lal & Suess, 1968)‎. إن الأكسدة الى ‎CO2‎ تحدث بسرعة، ويتبعها امتزاج مع ‎CO2‎ في الغلاف الجوي. إن تركيز حالة التوازن لـ 14C في الغلاف الجوي هو حوالي واحد ذرة 14C في 1012 ذرات من الكربون العادي (12C). إن الدراسات حول محتوى 14C في حلقات الشجر تؤشر الى أن تركيز 14C هذا تفاوت قليلاً خلال الـ 7000 سنة الماضية. هناك دليل آخر يؤيد عدم حدوث تحولات رئيسية في تركيزات 14C في الغلاف الجوي خلال عشرات آلاف السنين الماضية.

إن قانون التحلل الاشعاعي يصف المعدل الذي يتدنى فيه نشاط 14C والمواد الاشعاعية الأخرى مع الوقت، ويُعبّر عنه بـ:

A = A02t/T (3.110)

حيث أن A0 هي مستوى الاشعاعية في وقت ابتدائي، A هي مستوى الاشعاعية بعد وقت t، وT هي نصف الحياة للنظير. إن هذا القانون بالاقتران مع قياسات محتوى 14C في المياه الجوفية يمكن أن يُستخدم كدليل الى “عمر المياه الجوفية”. إن كلمة “عمر” في هذا الكتاب تعود الى المدة الزمنية التي مضت منذ جريان المياه الى عمق كافي في منطقة المياه الجوفية حتى يُصبح معزولاً عن الغلاف الجوي للأرض.

أول من اقترح استخدام 14C لتحديد عمر المياه الجوفية هو ‎Münnich (1957)‎، متبعاً التقنيات التي طورها W.F. Libby (الحائز على جائزة نوبل) في العام 1950 بغية تحديد عمر 14C في المواد الكربونية الصلبة. عندما تجري المياه تحت المستوى المائي وتُصبح معزولة عن ‎CO2‎، فإن التحلل الاشعاعي يدفع محتوى 14C في الكربون المذاب للانحدار تدريجياً. إن تعبير التحلل الاشعاعي (المعادلة 3.110) يمكن إعادة ترتيبها، ومن خلال استبدال ‏T = 5730‏ سنة نحصل على،

t = -8270 \hspace{1mm}\text{ln} \left( \frac{A}{A_0} \right) (3.111)

حيث أن A0 هي النشاط المحدد (التفككات في وقت معين في كتلة محددة من العيّنة) للكربون14 في الغلاف الجوي للأرض، A هي النشاط في وحدة كتلة من العيّنة، و t هي عمر الانحلال للكربون. في تحقيقات المياه الجوفية فإن تحديد 14C يتم من خلال عيّنات كربون غير عضوية مستخرجة من عيّنات من المياه الجوفية يتراوح حجمها بشكل عام من 20 الى 200 ليتر. إن كتلة الكربون المطلوبة لتحليل دقيق بالوسائل العادية هو 3 غرام. إن قيَم 14C التي نحصلها عليها من خلال هذه الطريقة هي قياس لـمحتوى 14C لـ ‎CO2‎(aq)‎، ‎H2CO3‎، ‎CO32-‎، و\ce{HCO^-_3} في المياه في الوقت الذي تم فيه أخذ العيّنة. 14C يمكن أيضاً أن يكون موجوداً في الكربون العضوي المذاب مثل حمض الفولفيك وحمض الهيوميك، ولكن ذاك المصدر لـ 14C هو صغير وعادةً لا يتم تضمينه في الدراسات حول عمر المياه الجوفية.

إن النشاط المحدد لـ 14C الذي كان بحالة توازن مع الغلاف الجوي للأرض قبل الاختبارات الجوية للأجهزة النووية الحرارية هو تقريباً 10 تكفككات في الدقيقة في الغرام (dpm/g). إن المعدات الحديثة لقياس 14C يمكنها اكتشاف مستوى نشاط 14C الى حد ‎0.02 dpm/g‎. إن استبدال هذه النشاطات المحددة في المعادلة 3.111 تؤدي الى عمر أقصى يساوي 50,000 عاماً. لا بد من التركيز على أن هذا العمر هو العمر الظاهري للكربون غير العضوي المذاب. للحصول على بعض المعلومات الهيدرولوجية المفيدة من هذا النوع من البيانات، فإنه من الضروري تحديد مصدر الكربون غير العضوي. الكالسيت أو الدولوميت يتواجدان في العديد من بيئات المياه الجوفية. الكربون الذي يدخل الى المياه الجوفية من خلال ذوبان هذين المعدنين يمكنه إحداث تخفيف لمحتوى 14C لإجمالي الكربون غير العضوي في المياه. هذه هي الحالة لأن الكالسيت والدولوميت في معظم أنظمة المياه الجوفية هي أقدم من 50,000 عاماً. ولذلك فإن الكربون في تلك الأنظمة هو خالي من كميات كبيرة من 14C وهو عادة يُشار اليه بالكربون “الميت”. للحصول على تقديرات لـ 14C في العمر الواقعي للمياه الجوفية فإنه من الضروري تحديد الى أي مدى أدى الكربون الميت الى تخفيض المحتوى النسبي لـ 14C في المياه الجوفية. تم في الفصل السابع شرح كيف يمكن القيام بذلك.

التريتيوم

إن وجود التريتيوم في الدورة الهيدرولوجية ينشأ من مصادر طبيعية ومصادر مرتبطة بالإنسان. بطريقة مشابهة لكيفية انتاج 14C، يتم انتاج 3H طبيعياً في الغلاف الجوي للأرض من خلال التفاعل بين النيتروجين والنيترونات الناتجة عن الاشعاعات الكونية. قدّر Lal & Peters (1962)‎ معدل الإنتاج في الغلاف الجوي بـ ‎0.25 atoms/s.cm2‎. في العام 1951، اكتشف Van Grosse وآخرين بأن 3H تتواجد طبيعياً في المتساقطات. بعد سنين دخلت كميات كبيرة من التريتيوم المصنوع من الانسان الى الدورة الهيدرولوجية نتيجة الاختبارات الجوية واسعة النطاق لقنابل نووية حرارية. للأسف، تم إجراء القليل من القياسات للتريتيوم الطبيعي في المتساقطات قبل حصول هذا التلوث الجوي. هناك تقدير بأنه وقبل انطلاق الاختبارات الجوية في العام 1952، فإن محتوى التريتيوم الطبيعي في المتساقطات كان في نطاق 5 الى 20 وحدة تريتيوم تقريباً ‎(Payne, 1972)‎. إن وحدة التريتيوم تساوي 1 ذرة من التريتيوم في 1018 ذرات من الهيدروجين. حيث أن نصف الحياة لـ 3H هي 12.3 سنوات، فإنه من المتوقع أن يكون للمياه الجوفية التي تم شحنها قبل العام 1953 تركيزات أدنى من 2 الى 4 TU تقريباً. إن المصدر الرئيسي الأول انساني الصنع لـ 3H دخل الى الغلاف الجوي خلال الاختبارات الأولى للأجهزة النووية الحرارية عام 1952. أتبع هذه الاختبارات اختبارات إضافية في الأعوام 1954، 1958، 1961 و 1962 وذلك قبل الاتفاق بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي على وقف تلك الاختبارات.

منذ انطلاقة الاختبارات النووية الحرارية، يتم مراقبة محتوى التريتيوم في المتساقطات في العديد من المواقع في النصف الأرضي الشمالي وفي بعض المواقع (هي أقل ولكنها عديدة) في النصف الأرضي الجنوبي. إذا ما أخذنا البيانات بشكل منفصل بين القسمين، نجد توازي قوي في تركيز 3H مع الوقت، على الرغم من أن القِيَم المطلقة تتفاوت من مكان الى آخر ‎(Payne, 1972)‎. في النصف الأرضي الجنوبي، فإن 3Hأقل بكثير نتيجة بأن مساحة المحيطات هي أكبر من مساحة اليابسة. إن السجل المتواصل الأطول لتركيزات 3H في المتساقطات هو في أوتاوا (كندا) حيث بدأ أخذ العينات في العام 1952. إن سجل 3H مقابل الزمن لهذا الموقع يظهر في الشكل 3.11. إن الاتجاهات في هذا الرسم تُمثّل اتجاهات 3H المسجّلة في أماكن أخرى في النصف الأرضي الشمالي. إن بيانات تريتيوم والتي يمكن الحصول عليها عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية ‎(IAEA)‎ من خلال شبكة عالمية لأخذ العينات تسمح بتقدير اتجاهات 3H مقابل الزمن في المناطق التي لا يوجد فيها محطات لأخذ العينات أو التي يوجد فيها سجلات لوقت قصير فقط. إن تركيزات تريتيوم في المتساقطات على خط عرض محدد في محطات قريبة من الشاطئ هي أقل من تلك داخل اليابسة، وذلك بسبب التخفيف من بخار ماء المحيطات قليلة التريتيوم. إن قياسات تركيزات التريتيوم يمكن أن تكون قيّمة في مساعدة العديد من أنواع التحقيقات في المياه الجوفية. إذا كانت عيّنة من المياه الجوفية من موقع في النصف الأرضي الشمالي تحتوي على تريتيوم بمستوى تركيزات بمئات أو آلاف الـ TU، فهذا يؤشر الى أن المياه أو بالحد الأدنى جزء كبير منها، دخل بدايةً منطقة المياه الجوفية في وقت بعد العام 1953. من خلال استخدام الطرق الروتينية لقياس المستويات المتدنية من التريتيوم في عيّنات المياه، فإن تركيزات متدنية بمستوى 5 الى 10 TU يمكن اكتشافها. فمن خلال استخدام طرق خاصة لتركيز 3H في عيّنات المياه، يمكن قياس مستويات تقارب ‎TU 0.1‎. إذا كانت العينات لا تحتوي على 3H قابل للاكتشاف في القياسات الروتينية، فإنه من المنطقي الاستنتاج بأن كميات معتبرة من المياه تعود الى ما بعد العام 1953غير موجودة. إن المياه التي تعود الى ما بعد 1953 تُعرف عادة بـ “المياه الحديثة” أو “مياه قنبلة التريتيوم”.

الشكل 3.11 إختلافات التريتيوم في المتساقطات (متوسط التركيزات الشهرية، TU) في أوتاوا، كندا.

يمكن أحياناً استخدام بيانات التريتيوم بحسب أنماط العينات لتمييز مناطق عمرية مختلفة داخل جزء المياه الحديثة في أنظمة جريان المياه الجوفية. لهذا النوع من استخدام التريتيوم، فإن وضعية طبقات الأرض يجب أن تكون بسيطة بحيث أن أنماط الجريان المعقّدة لا تحول دون التعرّف على اتجاهات التريتيوم. في الحالات التي تكون فيها تركيزات 3H لمنطقتي جريان متاخمتين معروفة جيداً، فإن بيانات التريتيوم يمكن أن تكون مفيدة لتمييز مناطق الاختلاط. إن فائدة التريتيوم في دراسات المياه الجوفية ترتفع كونها غير متأثرة كثيراً بالتفاعلات غير التحلل الاشعاعي.

الأكسجين والديوتيريوم

مع تقدّم مطيافية الكتلة، أصبح في بداية الخمسينيات بالإمكان القيام بقياسات سريعة دقيقة لنِسَب النظائر. إن نِسَب النظائر الرئيسية التي تؤلّف جزيئات المياه، 18O/16O و2H/1H هي محل اهتمام خاص للهيدرولوجيين. إن نِسَب النظائر يتم التعبير عنها بوحدات دلتا (δ) كنسبة ألفية (فارق جزء من ألف أو ‰) نسبة الى معيار يُعرف بـ “المعيار الوسطي لمياه المحيط” (SMOW):

‰ = [(RRstandard)/Rstandard] × 1000‎ (3.112)

حيث أن R و Rstandard هما نِسَب النظائر، 2H/1H أو 18O/16O، للعيّنة والمعيار، على التوالي. إن دقة القياس هي عادة أفضل من ‰0.2± و ‰2± لـ δ18O وδ2H، على التوالي.

إن أشكال النظائر المختلفة للمياه لديها ضغط جزئي ونقاط تجمّد مختلفة قليلاً. هاتين الخاصتين تؤديان الى اختلافات في تركيزات 18O و 2H في المياه في مختلف أجزاء الدورة الهيدرولوجية. عملية تغيّر محتوى النظير لمادة معينة بسبب التبخّر، التكثّف، التجمّد، الذوبان، التفاعلات الكيميائية أو العمليات البيولوجية تُعرف بـ “التجزئة النظيرية”. عندما تتبخر المياه من المحيطات فإن بخار المياه الناتج يكون مستنفذ من 18O و 2H نسبة الى مياه المحيط بما يقارب ‰‎12-15 من 18O و ‰‎80-120 من 2H. عندما يتكثّف بخار الماء، فإن المطر أو الثلج الناتج لديه تركيزات 18O و 2H أعلى من بخار الماء المتبقي. كلما تحرك بخار الماء باتجاه اليابسة أكثر كجزء من حركة الرياح (محلياً أو إقليمياً)، وكلما تكررت عملية التكثّف عدة مرات، فإن المطر والثلج يتميزان بتركيزات متدنية للنظائر الثقيلة 18O و 2H. إن محتوى 18O و 2H في المتساقطات في نقطة معينة ووقت محدد يعتمد بشكل عام على الموقع داخل اليابسة، وأكثر تحديداً على تاريخ التكثّف-التساقط لبخار الماء في الهواء. حيث أن التكثّف وتجزئة النظير تعتمدان على الحرارة، فإن محتوى النظير في المتساقطات هو أيضاً يعتمد على الحرارة. إن التأثير المشترك لهذه العوامل هي: (1) هناك اتجاهات قارية قوية في المعدل السنوي للتركيب النظائري في المتساقطات، و(2) هناك اختلافات موسمية قوية في المعدل الزمني للتركيب النظائري في المتساقطات فوق نقطة محددة، و(3) التركيب النظائري للمطر والثلج خلال حدث مطري محدد متغيّر جداً ولا يمكن توقعه. في المناطق القارية، فإن قيمة المطر يمكن أن تتفاوت بين حوالي 0 و ‰‎-‎25 لـ 18O، و 0 الى ‰‎-‎150 لـ 2H، هذا على الرغم من أن متوسط القيَم السنوية لديها فروقات بسيطة. بسبب التغييرات في الحرارة في منطقة التكثّف الجوي أو تأثيرات الاستنفاذ النظائري، فإن فروقات كبيرة يمكن أن تحدث خلال أحداث مطر فردية. يمكن أيضاً أن يحدث فروقات في حبة المطر خلال هطولها وتحديداً في بداية العاصفة الممطرة وفي المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

في المناطق تحت أرضية العميقة حيث الحرارة أعلى من 50 الى 100 درجة مئوية، فإن محتوى 182H في المياه الجوفية يمكن أن يتغير بشكل كبير نتيجة التفاعل الكيميائي مع الصخور الحاوية للمياه. في أنظمة المياه الجوفية السطحية وعلى حرارة عادية، فإن تأثّر تركيزات هذه النظائر بالعمليات الكيميائية يعتبر قليلاً، على افتراض وجوده. في هذه المناطق، 18O و 2H هما متتبِعان طبيعيان غير متفاعلين ولديهما تركيزات يحددها التركيب النظائري للمتساقطات التي تسقط على سطح الأرض وكمية التبخّر التي تحدث قبل أن تلج المياه تحت الجزء العلوي من منطقة التربة. بمجرد أن تتحرك المياه تحت الجزء العلوي من التربة، فإن تركيزات 18O و 2H تصبح خاصية مميّزة للكتلة المائية تحت الأرض، والتي في العديد من الوضعيات الهيدرولوجية تُمكّن من تحديد أماكن المصدر وأنماط الخلط، وذلك من خلال أخذ عيّنات وتحليل النظائر.

إن تركيزات 18O و 2H المحصّلة من المسوحات العالمية للمتساقطات ترتبط بناءً للعلاقة التالية ‎(Dansgaard, 1964)‎:

2H‰ = 818O‰ + 10‎ (3.113)

والتي تُعرف بـ “خط المياه المتيوري”. الدراسات حول متساقطات محلية أظهرت ارتباطاً خطّياً مع هذا الخط مع فارق بسيط فقط في المعامل. عندما تتبخر المياه من التربة أو المياه السطحية تحت الظروف الطبيعية، تصبح مُخصّبة بـ 18O و 2H. إن الدرجة النسبية للتخصيب مختلفة من التخصيب الذي يحدث خلال التكثّف. إن نسبَة δ18O/δ2H في المتساقطات التي تبخّرت جزئياً هي أكبر من النسبَة للمتساقطات العادية المحصّلة من المعادلة 3.113. إن ابتعاد تركيزات 18O و 2H عن خط المياه المتيوري هي خاصية في النظائر والتي يمكن استخدامها في تحقيقات هيدرولوجية مختلفة، بما فيها الدراسات حول تأثير المياه الجوفية على الميزان الهيدرولوجي في البحيرات والخزانات، وتأثير التبخّر على تسرّب المياه الى باطن الأرض.

3.9 القياسات الميدانية لمعاملات المؤشر

إن شرح تقنيات المختبر المستخدمة في التحليل الكيميائي أو النظائري لعينات المياه هي خارج نطاق هذا الكتاب. لهذا النوع من المعلومات يمكن أن يعود القارئ الى ‎Rainwater & Thatcher (1960)‎ و ‎U.S. Environmental Protection Agency (1974b)‎. إن غايتنا هنا هي تقديم شرح مختصر للطرق التي يُقاس من خلالها العديد من معاملات المؤشر المهمة خلال التحقيقات الميدانية. هذه المعاملات هي الموصلية (أو المواصلة) الكهربائية المحددة، pH، قابلية الأكسدة-الاختزال، والأكسجين المذاب. في دراسات المياه الجوفية فإن كل من هذه المعاملات يمكن قياسها في الميدان من خلال غمر المجسات في عينات المياه أو من خلال خفض مجسات في الآبار أو نقاط القياس.

الموصلية (أو المواصلة) الكهربائية هي قدرة المادة على إيصال التيار الكهربائي، ويُعبّر عنها بوحدة مقلوب الأوم متر، وهي بحسب نظام الوحدات الدولية سيمنز في المتر (S/m). الموصلية الكهربائية هي موصلية جسم أو كتلة من السائل ذات طول ومقطع على حرارة محددة. في تاريخ المياه الجوفية استخدمت الموصلية الكهربائية كـمقلوب ملي أوم أو مقلوب مايكرو أوم، والمعروفة بـ ملي موه أو ما يكرو موه. في نظام الوحدة الدولية، فإن 1 ملي موه يدل على 1 ملي سيمنز (mS) و 1 مايكرو موه يدل الى 1 مايكرو سيمنز ‎(Sµ)‎.

إن المياه الصافية السائلة لديها موصلية كهربائية متدنية، وهي أقل من عُشر مايكرو سيمنز على حرارة 25 درجة مئوية ‎(Hem, 1970)‎. إن وجود مكون أيوني مشحون في المحلول يجعل المحلول موصلاً. بما أن المياه الطبيعية تحتوي تنوعاً من المكونات المشحونة وغير المشحونة وبكميات ونسَب مختلفة، فإن تحديد الموصلية لا يمكن أن يُستخدم لتحصيل تقديرات دقيقة لتركيزات الأيونات أو مجموع المواد الصلبة المذابة. ولكن لتحصيل مؤشر عام حول مجموع المواد الصلبة المذابة ‎(TDS)‎، فإن قيَم الموصلية المحددة هي عادة مفيدة من الناحية العملية. للتحويل ما بين الموصلية وTDS، يتم استعمال العلاقة التالية ‎(Hem, 1970)‎:

TDS = AC(3.114)

حيث أن C هي الموصلية بالـمايكرو سيمنز أو مايكرو موه، TDS يتم التعبير عنها بالـ g/m3 أو  mg/l، وA هي عامل تحويل. لمعظم المياه الجوفية، فإن A تتراوح بين 0.55 و 0.75، اعتماداً على التركيب الأيوني للمحلول.

إن قياسات الموصلية الكهربائية ممكن القيام بها في الميدان من خلال وضع خلية الموصلية في عينة المياه أو إنزالها الى داخل الآبار ومن ثم تدوين الموصلية على جلفانومتر. المعدات المتينة المناسبة لاستخدامات الميدان موجودة لدى العديد من المصادر التجارية. في دراسات المياه الجوفية تتم عادةً قياسات الموصلية في الميدان بحيث أن الاختلاف في المواد الصلبة المذابة يتم تحديدها من دون أي تأخير مصاحب لنقل العينات الى المختبر. حيث أن توزيع موصلية المياه الجوفية يتم تعيينها في الميدان، فإن برامج أخذ العينات يمكن تعديلها للأخذ بالاعتبار البقع الشاذة أو الاتجاهات التي يمكن تحديدها أثناء سير أعمال الميدان.

لتفادي التغييرات بسبب هروب الـ ‎CO2‎ من المياه، فإن قياسات الـ pH في المياه الجوفية تجري عادة في الميدان مباشرة بعد جمع العينة. إن ثاني أوكسيد الكربون في المياه الجوفية يتواجد عادة بضغط جزئي أكبر بكثير من الضغط الموجود في الغلاف الجوي، وعند انكشاف المياه الجوفية على هواء الغلاف الجوي، فإن ‎CO2‎ يسترّب وعلى الأثر يرتفع الـ pH. إن قيمة ارتفاع pH بسبب انخفاض معين في PCO2 يمكن احتسابها من خلال استخدام طرق تم شرحها في المقطع 3.3. لقياس pH في الميدان، يتم استخدام الأدوات والأقطاب الكهربائية المنقولة. يتم استحضار العينات الى سطح الأرض من خلال الضخ أو إنزال أدوات أخذ العينات داخل البئر، وهي طريقة مختلفة عن انزال الأقطاب الكهربائية الى داخل البئر. يُقدّم Langmuir (1970)‎ شرحاً تفصيلياً لنظريات وطرق قياس pH في المياه.

إن الأكسجين المذاب هو معلم هيدروكيميائي مهم والذي عادة ما يتم قياسه في الميدان من خلال وضع مجس صغير في عينات المياه أو داخل الآبار. في مجسات الأكسجين المذاب، فإن جزيئات غاز الأكسجين تنتشر خلال غشاء الى خلية القياس بمعدل متناسب مع الضغط الجزئي للأكسجين في المياه. داخل المجس يتفاعل الأكسجين مع كهرل ويُختزل من خلال تطبيق جهد كهربائي. التيار الذي ينتج يكون متناسب طردياً مع الضغط الجزئي للأكسجين في المياه خارج المجس ‎(Back & Hanshaw, 1965)‎. إن مجسات الأكسجين المذاب التي تتصل بأدوات القياس المنقولة موجودة بشكل تجاري في الأسواق. هذه المجسات يمكن إنزالها الى داخل الآبار لأخذ القياسات التي تُمثّل الوضعية في الموقع. إن الأكسجين المذاب يمكن أيضاً أن يتم قياسه في الميدان من خلال تقنيات المعايرة المعروفة بـ طريقة وينكلر ‎(U.S. Environmental Protection Agency, 1974b)‎.

إن مجسات الأكسجين المذاب من النوع المستخدم عادة لديها حد كشف 0.1 مليغرام/ليتر تقريباً. إن المجسات عالية الدقة يمكنها قياس الأكسجين المذاب على مستويات متدنية تصل الى 0.01 مليغرام/ليتر. حتى عندما يقارب الأكسجين المذاب هذا الحد من الكشف فإن المياه الجوفية يمكن أن تحتوي على أكسجين كافي لتقديم قدرة معتبرة لأكسدة العديد من المكونات المختزلة. إن Eh أو pE يمكن احتسابهما من الأكسجين المذاب المقاس من خلال المعادلة 3.77. إن تحويل تركيز الأكسجين المذاب الى PO2 ممكن من خلال قانون هنري (PO2 = ‎O2‎/KO2)، حيث أن KO2 على حرارة 25 درجة مئوية هو ‎1.28 × 10-3‎ مول/بار. على pH 7، تكون pE المحصّلة بهذه الطريقة من خلال استخدام الأكسجين المذاب على حد الكشف المبيّن أعلاه مساوية لـ 13.1و 12.9، أو يتم التعبير عنها على التوالي كـ 0.78 و 0.76 فولت. إن الرسم 3.10 يؤشر الى أن القيَم هي قريبة من الحد الأعلى لنطاق pE-pH في المياه. إذا كانت المياه مشبعة بالأكسجين المذاب (يعني بحالة توازن مع الأكسجين في الغلاف الجوي)، فإن pE المحتسبة هي 13.6. لكي تخدم pE المحتسبة من تركيزات الأكسجين المذاب كمؤشر حقيقي لظروف الأكسدة-اختزال في المياه، فإن الأكسجين المذاب يجب أن يكون المكوّن المؤكسِد الحاكم في المياه في ظل ظروف أكسدة-اختزال قريبة من التوازن. إن القِيَم المقاسة للمكونات متعددة التكافؤ الأخرى المذابة يمكن أيضاً أن تُستخدم لتحصيل تقدير حول ظروف الأكسدة-اختزال في المياه الجوفي. يعرض الفصل السابع نقاشاً إضافياً حول هذا الموضوع.

هناك مقاربة أخرى للحصول على تقدير حول ظروف الأكسدة-اختزال في المياه الجوفية وهي من خلال قياس الجهد الكهربائي في المياه باستخدام نظام قطب كهربائي يتضمن قطب كهربائي حديدي خامل (البلاتينيوم هو المستخدم عادةً). أنظمة القطب الكهربائي والمعروفة بـ مجسات Eh موجود تجارياً في الأسواق. لتسجيل الجهد الكهربائي، يمكن وصلها بنفس الأدوات المستخدمة لقياس pH. حتى يكون لهذه القراءات دلالة، فإنه لا بد من إنزال المجسات الى الآبار أو أن يتم وضعها في حاويات أخذ العينة التي تمنع دخول الهواء اليها. بالنسبة لبعض مناطق المياه الجوفية فإن الجهد المقاس بهذه الطريقة هو مؤشر على حالة الأكسدة-اختزال، ولكن في بعض الحالات فقد لا يكون. إن النقاشات التفصيلية للنظرية والدلالة من استخدام القطب الكهربائي لقياس الأكسدة-اختزال تم عرضها من قبل Stumm & Morgan (1970)‎ و Whitfield (1974)‎.

قراءات مقترحة

BLACKBURN, T. R. 1969. Equilibrium, A Chemistry of Solutions. Holt, Rinehart and Winston, New York, pp. 93–111.

GARRELS, R. M., and C. L. CHRIST. 1965. Solutions, Minerals, and Equilibria. Harper & Row, New York, pp. 1–18, 50–71.

KRAUSKOPF, K. 1967. Introduction to Geochemistry. McGraw-Hill, New York, pp. 3–23, 29–54, 206–226, 237–255.

STUMM, W., and J. J. MORGAN. 1970. Aquatic Chemistry. Wiley-Interscience, New York, pp. 300–377.

الفصل الثالث: مسائل

في المسائل المعروضة أدناه والتي تحتاج الى عمليات حسابية، أهمل وجود مركبات أو تجمعات أيونية مثل \ce{CaSO}^{\circ}_4، \ce{MgSO^{\circ}_4}، \ce{NaSO^-_4}، \ce{CaHCO^+_3}، و \ce{CaCO^{\circ}_3}. المعلومات التي يمكن تحصيلها من بعض الرسوم في هذا الكتاب هي دليل لك في العديد من المسائل.

  1. أظهر تحليل المختبر بأن مجموع الكربون عير العضوي المذاب في عينة مياه من خزان جوفي هو 100مليغرام/ليتر (والمعبّر عنها بـ C). إن الحرارة في الخزان الجوفي هي 15 درجة مئوية، pH هي 5، وقوة الأيون هي 0.05. ما هي تركيزات ‎H2CO3‎، ‎CO32-‎، و \ce{HCO^-_3}، والضغط الجزئي لـ ‎CO2‎؟ هل هي ضمن النطاق المعروف للمياه الجوفية؟
  1. تم حقن مياه مالحة الى خزان جوفي محبوس تحت صخور عازلة وفوق طبقة من الطين الكثيف غير المكسور بسماكة 10 أمتار. يتواجد خزان جوفي عذب فوق هذه الطبقة شبه العازلة. إن محتوى الـ ‎Cl‎للمياه المحقونة هي 100,000 مليغرام/ليتر. قم بتقدير الوقت المطلوب حتى يتحرك ‎Cl‎ في الطبقة الطينية الى الخزان الجوفي العذب من خلال عملية الانتشار الجزيئي. عبّر عن جوابك من خلال نطاق الوقت المنطقي في ضوء المعلومات المتوفرة. إفترض بأن سرعة الجريان الهيدورليكي خلال الطين هي ضئيلة بالمقارنة مع معدل الانتشار.
  1. يوجد طبقتين أفقيتين من الحجر الرملي ذات نفاذية موجودة في حوض رسوبي عميق ويفصل بينهما طبقة من السجّيل الزيني المونتموريلونيتي غير المكسور. واحدة من الطبقات الرملية لديها إجمالي مواد مذابة يساوي 10,000 مليغرام/ليتر، والأخرى لديها 100,000 مليغرام/ليتر. قم بتقدير الفارق الأكبر المحتمل الذي يمكن أن ينشأ في حال وجود ظروف هيدروديناميكية مناسبة عبر السجّيل الزيتي كنتيجة لتأثير الخاصية الأسموزية (لنشاط المياه في المحلولات المالحة راجع ‎Robinson & Stokes, 1965‎). النظام لديه حرارة 25 درجة مئوية. ما هي العوامل التي يمكن أن تحكم الفارق المحتمل الحقيقي الذي يمكن أن ينشأ؟
  1. تتسرب مياه الأمطار الى رواسب رملية مؤلفة من الكوارتز والفلسبار. في منطقة التربة فإن المياه هي في حالة احتكاك مع الهواء في التربة ولديها ضغط جزئي يساوي ‎10-1.5‎ بار. النظام لديه حرارة تساوي 10 درجات مئوية. قم بتقدير pH لمياه التربة. افترض بأن التفاعلات بين المياه والرمل بطيئة جداً بحيث لا تؤثر بشكل بارز على كيمياء المياه.
  1. إن نتائج التحليل الكيميائي للمياه الجوفية هي على الشكل التالي (يُعبّر عنها بـ مليغرام/ليتر):‎K+=5.0, Na+=19, Ca2+=94, Mg2+=23, \ce{HCO^-_3}=334, Cl=9, SO42-‎=85, pH=7.21، وحرارة 25 درجة مئوية. حدد مؤشرات الاشباع بالنسبة للكالسيت، الدولوميت، والجيبس. إن عينة المياه هي من خزان جوفي مؤلف من الكالسيت والدولوميت. هل المياه قابلة على تذويب الخزان الجوفي؟ اشرح الجواب.
  1. هل هناك أي دليل يؤشر الى أن التحليل الكيميائي في المسألة رقم 5 فيه أخطاء يمكن أن تجعل التحليل غير مقبول بالنسبة الى دقة التحليل؟
  1. مياه جوفية على حرارة 25 درجة مئوية وPCO2 يساوي ‎10-2‎ بار تجري في طبقة غنية بالجيبس وتصبح مشبعة بالجيبس. من ثم تجري المياه الى خزان جوفي مؤلف من الحجر الكلسي (ليمستون) وتقوم بتذويب الكالسيت حتى تصل الى حد الاشباع. قم بتقدير مكونات المياه الجارية في الحجر الكلسي بعد أن يذوب الكالسيت ويصل الى التوازن. افترض بأن الجيبس لا يترسب أثناء ذوبان الكالسيت.
  1. عيّنة من المياه من خزان جوفي على حرارة 5 درجات مئوية لديها التركيب التالي (مليغرام/ليتر): ‎K+=9, Na+=56, Ca2+=51, Mg2+=104, \ce{HCO^-_3}=700, Cl=26, SO42-=104‎, pH=7.54. تم قياس الـ pH في الميدان مباشرة بعد أخذ العيّنة. مع حصول توازن بين العيّنة والغلاف الجوي، قم بتقدير قيمة الـ pH. (تبصرة: إن PCO2 للغلاف الجوي هي ‎10-3.5‎ بار. افترض بأن الكالسيت والمعادن الأخرى لا تترسب بمعدل كبير أثناء حدوث التوازن مع الغلاف الجوي).
  1. تؤشر القياسات الميدانية الى أن المياه في خزان جوفي غير محصور لديها pH يساوي 7 وأكسجين مذاب بتركيز 4 مليغرام/ليتر. قم بتقدير قيمة pE و Eh في المياه. افترض بأن نظام الأكسدة-اختزال هو في حالة توازن وبأن المياه متواجدة على حرارة 25 درجة مئوية وضغط 1 بار.
  1. إن المياه في المسألة رقم 9 لديها \ce{HCO^-_3} بتركيز 150 مليغرام/ليتر. إذا كان إجمالي تركيز الحديد محكوم بتوازن يتضمن FeCO3(s)‎ (صلب) و‎‎Fe(OH)3‎(s)‎ (صلب)، قم بتقدير تركيزات Fe3+ و Fe2+ في المياه. ما هي المصادر المحتملة للخطأ في تقديراتك؟
  1. عيّنة مياه لديها موصلية محددة 2000 µS على حرارة 25 درجة مئوية. قم بتقدير إجمالي المواد المذابة وقوة الأيون في المياه. اعرض جوابك كنطاق بناءً لما تتوقعه عن قيمة TDS و I.
  1. مياه جوفية لديها التركيب التالي (مليغرام/ليتر): K+=4, ‎Na+‎=460, ‏Ca2+‎=40, ‎Mg2+‎=23, \ce{HCO^-_3}=1200, ‎Cl‎=8, ‎SO42-‎=20, pH=6.7 كم هي كمية المياه المطلوب تحصيلها كعيّنة بغية تأمين كمية كربون كافية لتحديد 14C من خلال الطرق العادية.
  1. احسب PCO2 للمياه التي تم شرحها في المسألة رقم 12. إن الـ PCO2 أكبر بكثير من الـ PCO2للغلاف الجوي وهي أعلى من النطاق الطبيعي لمعظم المياه الجوفية. اقترح سبباً لارتفاع PCO2.
  1. في النطاق الطبيعي لـ pH في المياه الجوفية (6 الى 9)، ما هي المكونات المذابة الأساسية من الفوسفور؟ اشرح لماذا.
  1. قم بتحضير رسم بياني لنسبة الحدوث مقابل pH شبيهة بشكلها العام الى الشكل 5 وذلك لمكونات الكبريتيد المذابة ‎(H2S، S2-، HS)‎ في المياه على حرارة 25 درجة مئوية.
  1. إن القياسات الاشعاعية على عيّنة من الكربون غير العضوي من أحد آبار المياه يُظهر نشاط 14Cيساوي 12 عملية تفكك في الدقيقة (dpm). إن النشاط الخلفي هو 10 dpm. ما هو العمر الظاهري للعيّنة؟
  1. مياه جوفية على حرارة 5 درجات مئوية لديها pH يساوي 1. هل المياه حمضية أم قلوية؟
  1. هل يُحدث ترسّب الكالسيت في المناطق تحت منطقة المياه الجوفية المشبعة (ظروف نظام مُغلق) ارتفاع أو انخفاض في الـ pH؟ اشرح الجواب.